تظاهرها بالمودة للدولة العثمانية أو غير صادقة، وقد أجابت الحكومة الروسية على إعلان النمسا بأن ليس لأوربا حق في أن تتداخل في أمور لا تمس مصالحها مطلقًا، وأن روسيا تعرض على الدول عقد مؤتمر أوربي للنظر في شروط الصلح، وبعد هذا المؤتمر الذي عقد ببريل وعرضت فيه شروط الإتفاق التي منها أن الدولة تدفع لروسيا غرامة حربية قدرها ١٤٠٠ مليون من الروبل وأنها قد تنازلت روسيا إلى ١١٠٠ مليونا من الروبل، فاعترف سواس الدول الأوربية لما علمت بهذه الشروط باعتداء روسيا على الدولة العثمانية شر اعتداء، وكان أشد الدول تهيجًا على روسيا هي النمسا لاتفاقية بينها وبين روسيا عقدت في السنة التي قبلها، فخابرت إنكلترا واتفقت معها على معارضة روسيا كل المعارضة، غير أن القيصر أجاب بأنه لا يرضى بأن دول أوربا تناقش في الشروط التي لا تخص إلا روسيا وتركيا.
ولما رأت روسيا أنه لا استطاعة لها على محاربة النمسا والإنكليز بعد محاربتها تركيا وقعت الإتفاقية، وبهذا خسرت الدولة العثمانية شيئًا كثيرًا من ممالكها، وسبب ذلك هو انخداعها للدول الأخرى بأنها ناصحة لها وهي غير ناصحة، لا سيما إنكترا فإنها لم تسعف الدولة العثمانية بشيء من الإسعافات في هذه الحروب سوى أن اشترطت على روسيا عند الشروع فيها بأنه لا يصل إلى الإنكليز ما يضر بمصالحها فيا عجبًا لهذه المناصرة.
وفيها عزم القاضي الشيخ سليمان بن علي بن مقبل على أن يسافر إلى مكة المشرفة يريد الحج وأظهر أنه سيستقر فيها مجاورًا بدعوى أنه كبر سنه وسئم من القضاء، وكان إذ ذاك قاضيًا في بريدة، ثم إنه أشار على أمير بريدة حسن بن مهنا أن يجعل على قضاء بريدة الشيخ الإمام محمد بن عبد الله بن سليم، وذكر للأمير ما لهذا الشيخ من المواهب والفضائل وأنه لا يقوم بأعباء هذه المسألة غيره، فبعث ابن مهنا إلى الشيخ محمد بن عبد الله وأحضره لديه وطلب منه القيام بهذه المهمة كما تقتضيه الظروف، فتولى الشيخ محمد القضاء في بلد بريدة، وكان موفقًا في أقضيته وتصديراته.