لأداء فريضة الحج، وطلب من الملك عبد العزيز يرحمه الله ترشح أحد القضاة ليتولى مهمة القضاء في قطر خلفًا للشيخ محمد بن مانع، فكان أن رشح الشيخ عبد الله بن محمود لهذه المهمة، واستمر بها إلى أن وصل إلى منصب رئيس المحاكم الشرعية، وعرف عنه في ممارسة العمل وأحكامه بالقراءة المتعمقة، والتبكير في الحضور إلى مقر العمل، وحل المسائل الصعبة، والعد والنزاهة والاجتهاد، ووسع في الإصلاح بين الخصوم، وكان شغوفًا بالدرس والمطالعة والتنقيب والبحث في المراجع والكتب، وقد ساعده وحباه الله من مقدرة على الحفظ والاستيعاب على حفظ الكثير من المتون والأحاديث والمذاهب، وإلى جانب ذلك كله كان له اهتمام بالأدب والشعر، وكان يحفظ فيهما الكثير مما يستعين به أو يستشهد به في أحاديثه وكتاباته، وقد ألف عددًا كبيرًا من الكتب في مختلف المجالات الدينية منها لحكم الجامعة، وأحكام عقود التأمين في الإسلام والربا بأنواعه، والجهاد المشروع في الإسلام، وقد توجه رحمه الله في مؤلفاته إلى معالجة المشاكل التي يواجهها المسلمون، أو توضيح ما خفي من أمور الدين والعبادات وتنقيتها من البدع، أو الرد على المفترين على الإسلام، رحم الله الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رحمةً واسعة، وعوضَّ الإسلام والمسلمين بفقده خيرًا، وألهم أهله وذويه حسن العزاء، وأعانهم على الوفاء عما قدم من أعمال، والله المستعان، قال المؤرخ: إخلاصًا للتاريخ وإن عليه لمأخذ والله يغفر له، منها أنه يحب الخلاف كاجتهاده في مسائل الحج وقد ردَّ عليه فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم وترجيح أن الأضحية عن الميت غير شرعية، وقد رد عليه الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، والشيخ علي بن عبد الله بن حواس وغيرهما، والصواب معهم ويرى دفع الفطرة نقودًا عما قرره الشارع في دفعها من الأصناف الخمسة، ولعل هذا من أسهل خلافاته نظرًا منه إلى توخي المصلحة في وجود الأفران والمطاعم في هذا الزمان، وكلٍ يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم، وكان يرى صلاة ما له سبب في أوقات النهي وإن كانت من أوقات النهي القصار مع غروب الشمس أو مع طلوعها، وقد تقدم في سنة (١٣٩٠ هـ) عن المترجم، وذكر دولة قطر ما فيه كفاية.