فدفنت، وما وقف لهم عن خبر، ومنها ثمانون قرية انتشلت القتلى والجرحى بجثثهم، وبلغت درجة الزلزال سبع درجات، ولما وقع ذلك الزلزال الذي لم يعهد مثله قط منذ زمن بعيد قامت الحكومة الإيرانية بنصب الخيام للجرحى، وبعثت تستغيث الأمم الأخرى والحكومات المجاورة لها يطلبون الغوث والمواسات، فجاءتهم الإعانات، ومن سوء الحظ أن الضربة وقعت والموظفين في أعمالهم فلم يرجعوا إلى وقد خلفهم في أهاليهم وذرياتهم من الهدم والقتل والجرح ما الله به عليم، فقد تهدمت المساكن ووقعت على السكان وتحطمت الأبواب والنوافذ والمكيفات على ما تحتوي عليه من الأثاث، وكانت أثرًا بعد عين، ولم يبقَ في موضع الزلزال ديار ولا نافخ نار، يقول الله تعالى:{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}[يونس: ١٠١]، فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم، {قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ}[يونس: ١٠٢] , ولما أن نصبت الخيام للمصابين سلم من سلم بعد العلاج الطويل ممن كتبت له النجاة، وهلك معظمهم، وإن في ذلك لعظةً لمن كان له قلب أو ألقى السمح وهو شهيد، وكم أصيبت هذه المجوس من الفرس الذين كانوا أشد الخلق عداوةً للمسلمين، فلم يتعظوا ولم يزالوا في غيهم وضلالهم، وقد عثر على بعضهم في الزحام عند الجمرات أنهم كانوا يحملون أمواس مكائن الحلاقة يصيبون بها أعين الحجاج وجوارحهم، فعياذًا بالله من هذه العداوة للمسلمين، وكان الشاه محمد رضى بهلوي في حال ولايته إيران وسيطرته قد حزمهم حزم السلم، ولكنهم بعد خلعه عادوا إلى أخبث حالة، ولكن فأين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وشجعان الصحابة رضي الله عنهم من هؤلاء، ولما أن خلع الشاه محمد رضا وفرَّ طريد معه أهله الذين غادروا إيران قبله من الخميني الذي عذّب أهل إيران وعرضهم لحرب ضروس مع العراق، كما قدمنا، وما زالوا حتى وضع التاريخ في شر إقامة الفتن والمحن التي زجهم بها الخميني فظنوا أنه سيعيد لهم مجد الغابرين وعز الآخرين.