عشرة دقيقة صباحًا، ففجرا العبوات التي يحملونها داخل ثيابهم فأسفر الحادث عن قتل أربعة عشر يهوديًا، وجرح مائة وسبعة وخمسين، واحترقا ضمن المصابين، لما تم الاكتشاف عن جثتي الفلسطينيين وقد أحدث ذلك العمل هزة عظيمة في فلسطين المحتلة، ويقول المتمثل:
فأقدم فإما مُنْيَةً أو مَنِيَّةً ... تريحك من عيش به لست راضيا
أما سئمت من عيشها نفسٌ والهٍ ... تبيت بنار البعد تلقى المكاويا
فما تم إلى الوصل أو كلف بهم ... وحسبك فوز ذاك إن كنت واعيًا
أما موته فيهم حياةً وذلةً ... هو العز والتوفيق ما زال غالبًا
أما سمع العشاق هول حبيبةٍ ... لصب بها وافى من الحب شاكيا
ولما شكوت الحب قالت كذبتني ... فمالي أرى الأعضاء منك كواسيا
فلا حب حتى يلصق القلب بالحشا ... وتخرس حتى لا يجيب المناديا
وتنحل حتى لا يبقَ لك الهوى ... سوى مقلة تبكي بها ونتاجيا
فيا محبة الحسناء تهدي إلى امرئٍ ... ضرير وعنِّينٍ من الوجد خاليا
إذا ظلمة الليل انجلت بضيائها ... يعود لعينيه ظلامًا كما هيا
فظن بها أن كنت تعرف قدرها ... إلى أن ترى كفوًا أتاك موافيا
فما مهرها شيءٌ سوى الروح أبى ... السجيان تأخر لست كفوًا مساويًا
وادلج ولا تخشى الظلام فإنه ... سيكفيك وجه الحب في الليل هاويا
رشقها بذكراه مطاياك إنه ... سيبغي المطايا طيب ذكره حاديا
وعدها بروح الوصل تعطيك سرها ... فما شئت واستبق العظم البواليا
هذه الأبيات للحافظ ابن القيم رحمه الله، وكأنه يصور حالة أهالي فلسطين، وإن كان ذكرها في منزلة المحبة، فقوله فأقدم فأما منيةً أو منيةٍ يعني إما أن تبلغ مقصودك وما تطلبه نفسك فتفوز بطلبك كمجاهد في سبيل الله فله إحدى الحسنيين، أما الظفر بالأعداء فيهلكن على يديه، ويخزيهم الله وينصره عليهم، ويشفي صدره، ويذهب غيظ قلبه، وأما أن يقتل في سبيل الله ويستريح من أتعاب