العارض وسلطة أسمية على الوشم وسدير، وأخيرًا نقل أسيرًا إلى حائل لتطول سنواته الأخيرة في المنفى، ولقد مضى عبد الله ثلث مدة حكمه لاجئًا لا وطن له أثناء ما حكم الآخرون مكانه في وسط دولة متفككة منحلة، ومع كل هذا فإنه كان في دماثة خلق وإن كان تاريخه يشهد على أنه كان أمرءًا تنقصه الحكمة والدهاء.
وكانت هذه فرصة محمد بن رشيد الطامع في حكم نجد لبسط سلطانه على ما تبقي من الدولة الوهابية حينما توجه إلى الرياض على رأس جيش كبير متظاهرًا بصداقة الإمام عبد الله. فاستولى على الرياض، وأطلق سراح عبد الله من سجنه وأخذه إلى حائل وهذه نتيجة التخاذل بين آل سعود، وما أحسن ما قاله علي بن المقرب صاحب الحماسة يندد بسياسة الهوق واللين، ويحث على التصلب لما يعلم من سوء عواقب التراخي والدعة:
تجاف عن العتبى فما الذنب واحد ... وهب لصروف الدهر ما أنت واجد
إذا خانك الأدنى الذي أنت حزبه ... فلا عجبًا أن سالمتك الأباعد
ولا تشك أحداث الليالي إلى امرئٍ ... فذا الناس أما حاسد أو معاند
وعد عن الماء الذي ليس ورده ... بصافٍ فما تعمي عليك الموارد
فكم منهل طامي النواحي وردته ... على ظماء فانصعت والريق جامد
فلا تحسين كل المياه شريعة ... يبل الصدى منها وتوكي المزاود
فكم مات في البحر المحيط أخو ظما ... بغلته والماء حار وراكد
وأن وطن ساءتك أخلاق أهله ... فدعه فما يغضي على الضيم ماجد
فبت حبال الصل ممن توده ... إذا لم يرد كل الذي أنت وارد
وقل لليالي كيفما شئت فاصنعي ... فإن على الأقدار تأتي المكائد
ولا ترهب الخطب الجليل لهوله ... فطعم المنايا كيف ما ذقت واحد
فقم نحصد الأعمار ونبلغ المنى ... بجدٍ فاللأعمار لا بد حاصد
فليس بصعاد إلى المجد عاجز ... نؤم تناديه العلى وهو قاعد
إلى أن قال: