إن الرجا روح الأرواح فابتهجت ... فانزاح عنها من الأحزان ما هجما
ثم أرعوت هذه الأحزان فاستعرت ... وأضرمت بعد في الأحشاء مضطرما
وذاك في النثر والمنظوم إذ وعدا ... بالارتحال بالرجعى كما زعما
وبلبل البال بعد الابتهاج نوى ... من بهويال إلى مصرى فكم كلما
وكم أراق من الأجفان من ديمٍ ... لولا الرجا أخضلت بعد الدموع دما
فالآن في وهج الأحزان ملتهبًا ... من كان في نهجٍ بالراح منتظما
والآن في رحبة الأفراح منجذلًا ... من كان من طرب الأفراح مبتسما
والوجد في منهج الأحباب متقدٌ ... لو كان ذاك بقلب الأخ لا نكلما
لكنه لم يكن في قلبه وهجٌ ... من شطة البين فالمحبوب قد وهما
فالوجد يولع من في قلبه وله ... والشوق يزعج قلبًا بالغرام نما
وفي هذه الآونة توترت العلاقات بين اليابان وروسيا، وذاك لأنه لما كان في هذه السنة فتحت اليابان بحربها مع الصين أبواب مطامع كثيرة للدول الأوربية في الشرق الأقصى، من جملتها إنشاء خط حديدي لروسيا في منشوريا يخترقها من الغرب إلى الشرق تكميلًا لخط سيبيريا الممتدة إلى فلاد يفستوك وحرسته بالجنود الروسية.
ثم لما استولت ألمانيا على ثغر كيار تشاو بإيجار لمدة معلومة اقتدت بها روسيا أيضًا، وأخذت تليانوان وبور آثر فأقامت في ذلك المرفأ أعلامها وعززته بالمعاقل والمدافع وكنزته بالذخائر والمؤن، وأرسلت إليه الفيالق والبوارج، ثم مدت يدها إلى يالوا وشمولبو، وشادت مستودعات للذخائر في نيفامبو من أعمال كوريا، ولم يبق بينها وبين اليابان إلا فرجةً ضيقة، ولما ثبتت قدمها استحصلت أيضًا على امتياز إنشاء خط حديدي يخترق منشوريا من الشمال إلى الجنوب إلى شبه جزيرة ليا وتولغ، وحرسته بالجنود أيضًا، ولما رسخ قدمها في تلك البقاع، تحركت مطامعها لامتلاكها وأخذت تبذل في ذلك جميع مساعيها، إلا أن اليابان كانت واقفة لها بالمرصاد وفؤادها يتوقد غلًا وحسدًا ويقطر دمًا منها، فانتصبت معاندة في غاياتها