مات عن قتل كغالب آل رشيد، بل مات موتًا طبيعيًا وهذه ترجمته:
هو الأمير الكبير وذو الشأن الخطير، الحاكم محمد بن عبد الله بن علي بن رشيد بن عبد الله آل رشيد آل خليل آل جعفر آل عبدة، ويسمى محمد الأكبر، كان عقيمًا لم يولد له أولاد، ويمتاز بالدهاء والمعرفة والغوص على غامض الأمور، أضف إلى ذلك عقلًا وسياسةً مع حظ حسن، وكان حاذقًا ماهرًا في إصلاح الملك ومعه إناءة ورأي سديد، وكان مهابًا غير أنه ليس بمحبوب على الإجمال عند الناس، ذلك بأنه انتزع الملك من آل سعود ظلمًا وعدوانًا، ولا ريب أن آل سعود أرجح كفة عند الناس وأهل الحق في التقديم، أما تدابيره وسياسته، فإنه أسد رأيًا من مبارك بن صباح مع ما لمبارك من الدهاء والحذق، وكان هو أمير الحاج العراقي حينما كان بندر بن طلال متوليًا الإمارة، ولما قتل بندر هذا وأخوه بدر عمهما متعب بن عبد الله، فر محمد المترجم ولاذ بالإمام عبد الله بن فيصل خوفًا على نفسه من ابن أخيه بندر بن طلال، فوفق الإمام بينه وبين ابني أخيه بندر وبدر، فأمنا محمد على حياته، وعاد إلى حائل واستمر على إمارته للحاج، ولكنه طمع بإمارة أكبر منها، فقام بعد قليل يحقق مطامعه، بل قام يطلب بثأر أخيه متعب، فقتل بندرًا وبدرًا وأخوتهما، ولما قتلهم خلا له الجو كما قيل.
فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عينا بالأياب المسافر
ثم إنه صاح للقبائل فلبته مختارة أو مكرهة، وكتب له النصر في جميع حروبه، وقام يتحبب إلى الناس ويعتذر من قتل أبناء أخيه وذكر أنه قتلهم قبل أن يقتلوه كما قيل تغد بالذئب قبل أن يتعشاك، ولما تولى الإمارة كان سيدًا مطاعًا في عشيرته، فهو كبيرها وكبير شمر بل كبير العرب في أيامه، واستولى على بلاد نجد كلها حتى وادي الدواسر، وكان في حكمه وأمره عادلًا وتضرب الأمثال في رأيه ومعرفته، ويتأسى بتدابيره وسياسته.
وكان حليمًا حكيمًا حتى أن البدو ليسخرون منه لقلة حصده الروس فيقولون هذا حاكم لا يحصد الرؤوس، ومن دهائه أنه قدم عليه كبير أعراب، رفيع القدر،