وعبد العزيز يفزع إلى السديري في الدلم، وبعد هذه التدابير وكل ابن جلوي بمن كان معه من الجنود فأقامهم في علية وهي جبل بين الحريق والحوطة قريب منها.
ثم أرسل أخاه سعد إلى الحريق يستنجد أهلها، وذهب هو للغاية نفسها إلى الحوطة، فبلغه في اليوم الثاني هناك خبر هجوم ابن رشيد على الدلم، فوقع ابن رشيد في هذه الشبكة التي نصبت له، وبادر ابن سعود إلى ذلك المكان وقد جمع جيوشه من أهل الحوطة والحريق، فبلغوا مع من كانوا في جبل علية ألفًا وخمسمائة مقاتل، فاجتمعوا في ماوان على مسافة عشر ساعات من الخرج وسروا، فلما كان قبيل انفجار الصبح إذا بهم في الدلم، وكان ابن رشيد قد نزل نعجان على قدر مسافة ساعتين من البلدة، ولم يعلم بدخول ابن سعود إليها.
ولما قدمها ابن سعود قبيل الفجر كان قد مضى عليه أسبوع كامل لم يكتحل جفنه بالكرى ولم يتذوق خلاله طعم الراحة ولذيذ العيش، ولله در القائل:
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى ... فما انقادت الآمال إلا لصابر
فوجد فرصة يريح بها بدنه من شدة التعب وعظيم السهر، فدلك جسمه بدهنٍ وملح ونام هادئًا من صلاة الفجر حتى أذان الظهر، ثم استيقظ وأخذ في ترتيب جنده وإعداد العدة لمهاجمة خصمه.
ولما كان من العصر أرسل ابن رشيد سرية متكشفة، فخرجت لها خيل ابن سعود فتهاجم الفريقان وتطاردا، فانهزمت خيل ابن رشد، ولما كان في فجر غد ذهب ابن سعود يكمن لابن رشيد، وكان قد علم أن من عادته أن يخرج وبعض رجاله صباح كل يوم فيطوقون في البساتين يرعون إبلهم ويقطعون النخيل، غير أنه لم يخرج كعادته لأنه قد أحس أن ابن سعود في الدلم.
ولما أن بعث ابن سعود خيالة للكشف، ذهبوا وعادوا يقولون أنه متحصن في نعجان، فما كان من رأي ابن سعود أن يهجم عليه في النهار لأن خيله قليلة، ولأن الهجوم يبعده عن الحصون، على أن الكشافة لم يصلوا إلى حقيقة الأمر جبنًا منهم أو جهلًا، وحينما عاد ابن سعود إلى البلدة بلغه الخبر أن ابن رشيد قد خرج على