عدده أربع عشر ألف، منها أربعة آلاف خيال، توجه هذا الجيش إلى الحفر، غير أنهم أخبروا أن ابن رشيد قد عاد إلى بلاده، وكان هذا الخبر وافاهم في الطريق بين الكويت والحفر، فهجموا على مطير في الصمان فقتلوهم عن بكرة أبيهم وغنموا أموالهم وأرزاقهم كلها.
لكنه مع الأسف لم يعد ابن رشيد إلى بلاده ما هي إلا إشاعات وتعمية للأخبار، بل قد خدعهم وزحف إلى الرياض يريد احتلالها، فوا أسفا إن حلاوة هذا النصر لم تدم على ابن سعود وجابر بن صباح، فقد أتاهم الخبر اليقين، وعندما وصلوا إلى ماء طوال أن ابن رشيد قد خدعهم ومال إلى الرياض، وقد كان مرّ في مسيره بعربان من السهول فضربهم وضمهم إلى جيشه، ثم تقدم مسرعًا يريد أن يفاجيء العاصمة بالهجوم عليها ليلًا، ولما دنى من الرياض وعسكر عند جبل أبي مخروق دون أن يعلم بذلك أحد من أهلها، ثم مشى إليها وأصبح في ظلال نخيلها، عند ذلك شرد رجلٌ من السهول المكرهين ودخل البلد يصيح بالناس قائلًا: العدو بساحتكم ابن رشيد عند السور، فعند ذلك نهض عليه الإمام عبد الرحمن بن فيصل بأهل الرياض وخرجوا للدفاع، فنازلوا خارج السور، فرده الله خائبًا مدحورًا لم ينل طلبه، ثم إنه انتقل بعد ذلك من معسكره في أبي مخروق إلى نخيل يبعد مسافة ساعة عن الرياض، فأقام هناك ثلاثة أيام دون أن يأتي بحركة، وقد أنشأ الشيخ سليمان بن سحمان قصيدة يهنيء بها الإمام المكرم عبد الرحمن بن فيصل بما منَّ الله عليه به من النصر والظفر على هذا العدو في هذه المفاجئة التي حصلت ولم تكن في الحسبان:
لك الحمد اللهم يا واسع المجد ... والله أولى بالجميل وبالحمد
لك الحمد يا حنان يا واسع العطاء ... لك الحمد حمدًا ليس يحصى بلا حد
لقد منَّ مولانا علينا بلطفه ... وإحسانه والله ذو المد والمجد
لقد جاءنا الأعداء على حين غفلةٍ ... وفي هجعةٍ من أخر الليل بالجرد
على عدة منهم وشدة أهبةٍ ... وغيظٌ وإيعاد عنيفٌ بما يرد