للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد وقع بين العرب حروب عديدة وملاحم شديدة، طمعت في بلاد العرب بواسطة الانتصار لعبد العزيز بن رشيد على خصمه، كما أخذت الإحساء والقطيف بغيًا وعدوانًا بواسطة الانتصار لعبد الله بن فيصل على أخيه سعود، وقد كان من المعلوم أنها لا تمشي مع أحد لحظ نفسه وإنما تمشي لحظ نفسها، ولكن لا يشعر تائه بمصابه لأنه دخل الأمر من غير بابه.

وقد كانت الدولة لم تكن تحسب لابن سعود حسابًا قبل استيلائه على القصيم الذي تراه بعين التعظيم، بل كانت تود إيجاد خصم لابن رشيد في نجد ليبقى صديقها ابن رشيد محتاجًا إليها، وكانت ترجح عدم الاصطدام مع صاحب الكويت خشيةً من التحامها مع بريطانيا العظمى، فأما إذا قام ابن سعود على استيلاء القصيم وتم له ملكه فلم يكن لها بد من مباشرة قتاله ومقابلته وجهًا لوجه، فقامت وأمدت ابن رشيد بأحد عشر طابورًا من العساكر وقدرها تقريبًا من ثمانية آلاف وثمانمائة، وامدته بأربعة عشر مدفعًا، وأمدته بما لا يحصى من الذخيرة والمؤنة والنقود، فأضاف إلى تلك القوة كل ما استطاع أن يجمعه من قبائل شمّر وغيرها، وأتى بتلك الجيوش العظيمة يجرها إلى نجدى، وصادر جمال العقيلات لتحمل هذه الجيوش والمعدات إلى القصيم، فأقبل بتلك الجنود التي كالجبال.

ولقد حدثني من حضر الوقعة بأنه بلغ جيشه ثمانية عشر ألف مقاتل مجهزًا هذا الجيش بكل ما يستطاع، فأقبلت هذه الجموع يقودهم البطر والطغيان وإرادة أهل الإيمان بالقهر والهوان، وظنوا أنهم لمن عداهم من الناس سيقهرون، ولمن حاربهم من البشر سيغلبون والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم شعرًا:

فجائوا بأسباب من الكيد مزعجٍ ... مدافعهم يزجى الوحوش رنينها

ومهما كانت الأحوال والظروف فإن ابن رشيد قد جاء بالقوة التي لا تغالب بزعمه ونزل في قصيبا.

ولما أن نزل في قصيبا أمر بتجارب المدافع وتهيئتها، فلما أطلقت وسمع لها