عبد الوهاب، وأخذ عن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، وأخذ عن الشيخ سليمان بن علي بن مقبل، وأخذ عن الشيخ حمد بن عتيق، ويكفيك شرفًا له أخذه عن هؤلاء الفطاحل السادة الربانيين الذين تحلو المجالس بذكرهم، ويسمو من انتسب بمشيختهم.
ولما نبغ وبرع في العلوم عنَّ لقاضي القصيم سليمان بن علي بن مقبل السفر إلى مكة المشرفة يريد أن يجاور بها، ولأنه انحلت قواه وكل من أعمال القضاء، فأشار على أمير بريدة بجعل المترجم على قضائها، فراوده الأمير واستقر الشيخ قاضيًا ومفتيًا، وإنما أشار بجعله قاضيًا لما كان يعرفه فيه من المؤهلات والكفاءة، واستمر في القضاء اثنتين وعشرين سنة سوى فترة قليلة في أول القرن لسوء تفاهم جرى بينه وبين أمير بريدة، قضى له ذلك بأن يسافر إلى عنيزة ويقيم بها وتزوج فيها وولد له.
ثم إنه دعا به الأمير المذكور واسترضاه واعتذر إليه، وأن الحامل له على سوء معاملته كلام الضد فيه ودعوى أنه مشاغب، فرجع مصحوبًا بالسلامة واستمر على قضائها أواخر ولاية حسن بن مهنا وأيام محمد بن عبد الله بن رشيد، وكان في بداية ولايته لأنه حلف بالطلاق ليبيحن بريدة ويجوس خلالها ويتبرأ ما على تتبيرا، وخافت الأمة من سطوته وماذا يحله من أنواع العقوبات، فخرج إليه الشيخ محمد بن عبد الله وما زال به حتى تنازلت عن فكرته، وجعل القصيم خضرًا مرخى عليها ستارها، وأكرم الشيخ واحترمه وقلبه بخير، ولا يزال يعظمه لعلمه وبأن الناس لا يعدلون به شيئًا ذلك لسعة عقل محمد بن رشيد.
ولما توفاه الله تعالى وتولى بعده ابن أخيه، وكثر المرج والهرج وأصبح أهل الحق أذلّاء لكثرة القيل والقال وتغير الحال، عزله ابن متعب ونفاه إلى النبهانية، وكانت إذ ذاك قرية تضرب الأمثال بجهل أهلها، وبعدهم عن العلم فسار إليها وسكنها امتثالًا لإرادة مولاه وفاطره له، وقدمها فاغتبط به أهل القرية وقاموا في تعظيمه وإكرامه ونفعهم الله به استفادوا من علمه.