وفيها تم عمل سكة الحديد التي أنشأها السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد، وكانت قد مدت من المدينة المنورة إلى أن اتصلت بالأراضي الشامية، وكان الباعث لعمل هذه السكة تقريب مسافة المدينة للحجاج والزوار الذين يأتون إليها من مسافة بعيدة، والأمر الثاني صلة بلاد الحجاز لأجل إذا وقع أي واقع تسنى للدولة في الحال إخماده، وكانت مدة العمل فيها سبع سنوات، وأنفقت عليها خمسة ملايين وربع مليون جنيه عثماني، ويقدّر العارفون أن هذا المبلغ قليل بالنسبة لطول الخط، وكان طوله ١٩٥٩ كيلو متر، فأصبحت المدينة زهرة البلاد الحجازية، ولولا فقد السلطان وتلا الحرب العظمى لالتحقت سائر بلاد الحجاز بالمدينة، وما زالت هذه تتلاشى حتى بطل عملها.
وفي هذه السنة أرسلت الدولة العثمانية أحد رجالها الكبار، وهو المشير أحمد فيضي باشا الذي اشتهر بشجاعته وحسن سياسته، وشفعته الدولة أيضًا برجل آخر اسمه الفريق صدقي باشا المتصف ببعد النظر وطول الآناة، جاء الأول بثلاث طوابير وخمسة أطواب من بغداد، وجاء الثاني من المدينة بطابورين، فالتقوا وعسكروا قرب القصيم، ولم يكونوا قصدوا الحرب، ولكنهم رغبوا في المفاوضة من أجل السلم، وإنما أرسلت الدولة هذه القوة من جندها لتعزز جانبها، وكانت قد بعثت إلى ابن سعود بواسطة الشيخ مبارك بن صباح تقول: إنها تريد أن تفاوض أباه عبد الرحمن بن فيصل، وطلبت أن يوافي والي البصرة إلى الزبير، فأجاب الإمام طلب الدولة وسافر إلى الكويت ومنها إلى الزبير، وكان قد اتفق بمبارك بن صباح في الكويت فسارا معًا إلى الزبير، فاجتمعا هناك بالوالي، وبعد المفاوضات في أمور نجد والقصيم قرروا أن يكون القصيم على الحياد أي يصير حاجزًا بين ابن سعود وابن رشيد وأن يكون للدولة فيه مركز عسكري وموضع شورى، ولكن عبد الرحمن بن فيصل لم يوافق على هذا الأمر، غير أنه وافق بعد أن يعرض ذلك على أهل نجد إكرامًا للشيخ مبارك، ولم يقبل أهل نجد ذلك البتة بأن يكون القصيم على الحياد ولا أن يكون للدولة فيه حامية قطعًا.