سعود وابن رشيد، هذا ما تريده الدولة، ولكن أهل القصيم لا يريدون ذلك إلا ما كان من أمير بريدة صالح الحسن فإنه قبل وأتباعه ذلك، فرأى الإمام عبد الرحمن أن يقبله أهل القصيم مؤقتًا، وكاد أن يتم وأن يكون ساري المفعول، ولكنه حال دونه حوادث صنعاء في اليمن وما صنعه الإمام يحيى من شدة الحصار على صنعاء، وفيها ستون ألفًا من الأتراك العسكريين والمدنيين كما تقدمت الإشارة إليه.
وبما أنه ليس عند الدولة للنكبات أقدر ولا أشجع من المشير فيضي، توكل عليه في إنجاد أبنائها الذين أطعمهم يحيى في حصاره النار والفار وأشياء ذكرها حتى أشرفوا على الموت، فلذلك صدر الأمر إلى أحمد فيضي بالإسراع إلى اليمن، فسار نحوه وترك القصيم ومشاكله لصدقي باشا يحلها بالتي هي أحسن، ولما تولى صدقي باشا قيادة الجيش نقل إلى الشحية فعسكر فيها، وما كان له ما للمشير من سعة الرأي، بل اهتزت منه جارحة للحركة، وأقام بجنوده في الشحية لا محاربين بل مفاوضين، بل كانوا متفرجين، وقد استأنف ابن سعود وابن رشيد القتال، ولما وصل المشير فيضي باشا إلى اليمن أمدته الدولة بخمسين ألف مقاتل لتأديب الثائرين والعصاة، فاستولى ثانيةً على صنعاء ثم تتبع الإمام يحيى الذي انسحب بجنوده إلى شهارة، ولكنه دحر شر دحرة هناك، فعقد بعدها اتفاق بين الإمام يحيى وبين الدولة العثمانية، لكنه لم يدم غير بضع سنين.
وفيها استنجد أمير قطر وشيخها قاسم بن ثاني بعبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود على أخيه أحمد بن ثاني وبني مرة، فقد عصوا عليه وكادوا يخرجونه من قطر، فبادر إليه ابن سعود في وقت كان القصيم يغلي فيه بمراجل التقلبات، فضرب الثائرين ضربة أعادت لقاسم بن ثاني كامل نفوذه وسلطنته، وكان قاسم هذا من أعز أصدقاء عبد العزيز وأحبهم إليه، تربطهما رابطة العقيدة السلفية وحسن الجوار، ولكنه حصل منه رحمه الله بعض الحسد على ابن سعود لما ولّاه الله بلاد الإحساء، وسيأتي ذكر ذلك في موضعه إن شاء الله.