يريد في تقلب الأحوال وتلون الحوادث، ولما أن تباعد ابن سعود من نجد كان في ذلك أخذة أسف لابن رشيد من القصيم.
ولما أن أطلق صالح الحسن يديه من ابن سعود كان لابن سعود أكبر الحظ في ذلك لأن صالحًا تأكد وأتباعه بعد ذلك أنهم لا يستطيعون الدفاع إذا أشهر ابن رشيد عليهم الحرب، وربما أن يكون ابن سعود ارتحل من القصيم ليتخلى عن أهله ويدع صالحًا وشأنه ليكون له من خطأه وعجزه أكبر تأديب.
فقد أرسل ابن رشيد سرية على الفور إلى الرس يقودها صالح العذل معه حسين بن عساف فاستولت عليه، فاجتمع أهل القصيم في قرية الشقة لأجل الدفاع وقد انضم إليهم عدد من العربان، فهجم عليهم ابن رشيد وقتل منهم عددًا وحاصر البقية في تلك القرية، فضج القصيم وعلم الأمير صالح الحسن أنه ليس لهم منعة إلا بعون الله ثم بابن سعود.
فلما بلغت ابن سعود أخبار القصيم بعده عاد مسارعًا إلى نجد وبعث أخاه محمد على الفور يقود سرية لمدافعة ابن رشيد، فهجمت السرية على حرب وعادت فنزلت وادي الدواسر.
أما صالح الحسن فإنه أرسل أخاه مهنا إلى أهل عنيزة يطلب منهم أن يشفعوا له عند ابن سود، فذهب الوفد ورحب به وعفا عن صالح وأتباعه، ثم إنه توجه ابن سعود إلى القصيم ولكنه لم يكن إذ ذاك قادرًا على محاربة ابن رشيد لسببين: أحدهما الجدب القحط في تلك السنة، والثاني تفرق البادية ليهتموا بمواشيهم.
ولما علم ابن رشيد بقدوم خصمه خرج من منزله في البقيعة وأغار على قبيلة من مطير، فأخذها وعاد فنزل في قصيبا، وتكررت غزواته على قبائل ابن سعود وجعل ينتقل من قصيبا إلى الأجفر، ومن الأجفر إلى البشوك، وكانت قصيبا على مسيرة اثنتي عشرة ساعة من بريدة إلى الشمال، كما أن الأجفر بين القصيم وحائل.
وأما البشوك فكانت على مسيرة خمسة أيام من حائل شرقًا، فلما رآه ابن سعود على تلك الإغارات قفل راجعًا إلى نجد ليستفز العربان من عتيبة ومطير