وبهاءه وزينته وسرى تحت جناح الليل يحف به ستة من الخدم ويماشي قلبه جيش من الشوق فيا حسنه من مشتاق إلى حبيب بعد طول غياب.
ولما دنى حف بريدة على قدر مسافة ثلاثين دقيقة منها إذا برسول شلهوب قد وافاه يقول أن محمد العبد الله أبا الخيل قد أقفل القصر وهو متأهب للحرب فوافق مع ذلك أن قعقع الرعد ولعلع البرق في ساعة لا مأوى له فيها ولا بيت يكنه فهطلت الأمطار وهبت الرياح وأمسى الظافر حائرًا ورجاؤه والشوق عاد بائرًا لا يستطيع الدخول إلى بريدة ولا الرجوع إلى معسكره بعدما بعد منه مسافة ثلاث ساعات فيا لها من ليلة عاصفة ماطرة ليلة مظلمة باردة ليلة خاب فيها الأمل وعظم فيها الخجل وخيانة أبي الخيل أشد وأقبح فوقف ابن سعود حائرًا يتعجب من تقلب الأغيار وشدة الهول والأخطار فاعتبروا يا أولي الأبصار.
وتعتبر هذه أعظم زلة ومكر من محمد بن عبد الله أبا الخيل، فعند ذلك لمز عبد العزيز فرسه ورجع محزونًا فسمع نباح كلب فساق إليه فإذا هناك بيت من الشعر فنزل عن فرسه والخدم معه وترجل قاصدًا البيت ليلجئه عن المطر الهطال وما ذلك البيت إلا خيمة قبيحة صغيرة طولها ستة أذرع وعرضها ثلاثة أذرع وفيها نفوس كثيرة من البشر والمعز، فتكلم صاحب الجلالة يا أهل البيت نحن ضيوفكم فأجابوه عن غير معرفة أهلا ومرحبا ولكن البيت ضيق يا أضياف، فأجاب قائلًا إذا لم يسعنا دخل بعضنا فلم يقبل البيت إلا واحدًا وظل الباقون خارج الخيمة فدخل عبد العزيز الخيمة الصغيرة وكان فيها عشرة أنفار كبار وصغار فيهم عجوز مريضة وشائب مجنون فجلس عبد العزيز على رحل قرب الباب وقد ضم يديه إلى جنبيه من الضيق وجعل يرتعد بردًا من المطر الذي بل ثيابه وكانت الجديان تثب على كتفيه والمعزى تبول أمامه والمطر لقبح الخيمة يخر من سقفها والمريضة تئن والمجنون يصيح والصغار يبكون والكبار السالمون من علل يتصاخبون، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم تالله إنها الحالة مضحكة عجيبة لمن عرف الدنيا وأهوالها، جلس زعيم العرب على ذلك الكور في تلك الخيمة وهو يتأمل حالتها وحالته، فيا لبليه من طولها وعناءها سقف قبيح يكف من الماء القذر بالأوساخ