للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجعنا إلى غزوات الفاتح فنقول: لما عاد ابن سعود بعد واقعة الأشعلي إلى بريدة وضبط القصيم انحدر إلى الرياض، ولما أن كان قاب قوسين منها التقى برسول من أبيه يقول جنبوا جنبوا الفتنة مشتعلة في الحريق بين الهزازة.

وكان آل هزان هؤلاء من عنيزة وهم أقارب لآل سعود لكنهم بعيدون، وقد جرى في هذه الفتنة قتال هلك فيه بعضهم لأنه قد قتل بعضهم بعضًا، فأرسل الإمام عبد الرحمن بن فيصل سرية قبضت على القتلة الظالمين وسلمتهم إلى إخوان المقتولين فقتلوهم، ولم تخل الفتنة من مأرب سياسي، فعاد الهزازة بعد رجوع السرية يشعلون نار الفتنة، فاعتدوا على آل خثلان فذبحوا منهم شيخين طاعنين في السن ادعوا أنهما اشتركا في قتل أخيهم الكبير محماس، وأثار هذا الادعاء الكاذب، غضب الإمام عبد الرحمن، وحالما أقبل إلى الرياض صقر الجزيرة ومبيد العداء عبد العزيز بن عبد الرحمن، وجاءه رسولٌ من أبيه فرصة يومين ليزور أهله في العاصمة فكان ذلك.

فلما كان اليوم الثالث فزع إلى الحريق ودعا أهل الحريق إلى حكم الشرع، فأبى الهزازة أن ينقادوا للشرع، وحقيقة أمرهم أنهم لا يريدون الخضوع لحكم آل سعود، ثم إنه حصنم وتحصنوا، فحاصرهم عبد العزيز شهرين، وفي أثناء المدة يلح عليهم أن ينقادوا لحكم الشرع وهم متمردون وفي حصنهم ممتنعون، فلما أعذر منهم أراد أن يعمل بهم عملًا تنفر منه الطباع للبشرية ويعد في غير البلاد العربية كبيرًا.

وذنك بأنه أمر رجاله أن يحفروا نفقًا يوصلهم إلى الحصن، فباشروا ذلك، وكان طول النفق عندما تم أربعين باعًا ثم عزم على أن يشعل به البارود فينسف ذلك الحصن نسفًا.

وكان نساء المحصورين وأولادهم ساكنين فوق النفق، فأرسل عبد العزيز ينذرهم ويؤمنهم على حياتهم، ولكنهم أصروا على العصيان واستمروا متمردين، فأرسل إليهم رسولًا يقول: إذا لم تخرجوا نسائكم وأطفالكم فأنتم المسؤلون عن أرواحهم بين يدي الله غدًا، وكانوا في أول الأمر يظنون أن النفق صنعه تهويلًا، فلما تأكد الحقيقة وأنه قد أحاط بهم البلاء سلموا لتسليم عائلتهم.