للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال أريد منك أن تقيم وتبقى عندي ثلاثة أشهر فقط؛ قال عبد العزيز فلما قال هذا الكلام استجبت منه وبقيت فكان مبارك بن صباح أثناء تلك الثلاثة الأشهر مطمئنًا فلم يهاجمه سعدون ولكن فوائد قوم مصائب قوم فقد كان عبد العزيز في قلق دائم لأن ابن رشيد قد تغلب على رئيسي العمارات والرولة وهما تابعان لابن سعود، كما أن العجمان مع العرائف تذمروا عليه وأسند العرائف عائدين إلى الرياض، ومنهم من كتبوا إلى الشريف في مكة يستنجدونه على ابن سعود، أضف إلى ذلك أن القيظ قد اشتد حره فتفرقت البوادي إلى ورد الماء، وجرى في هذه الحال عثرة كبرى من مبارك، وقديمًا قيل: في كلام الحكمة "اتق شر من أحسنت إليه" فلقد قابل أفعال ابن سعود الحسنى بالإساءة وذلك بأنه اعتدى في هذه المدة بعض عربان مطير التابعين لابن سعود على غرب قحطان وسبيع ولاذ المعتدون بابن رشيد فلما وصلوا إلى أطراف الكويت أراد عبد العزيز تأديبهم على فعلهم فتصدى له مبارك مانعًا فكتب إليه عبد العزيز يلومه لأنهم من قبائله العاصية.

ومن جهة أخرى فإن الأجدر بك يا مبارك أن تساعدني كما ساعدتك فغضب لذلك مبارك وخرج إلى معسكره الذي فيه جابر ابنه وراء الكويت فاجتمع بابن سعود وقد اشتعل في صدره الغضب، فكان أول كلمة قالبه بها مرادفة للإهانة أن قال أظنك يا ابن سعود تبغي أهلك فأجابه جلالة الملك بكلمة واحدة وهي نعم وخرج من ذلك المجلس كما دخل مبارك إليه مكتئبًا متغيظًا.

تالله إنها لحالة عجيبة وأيام عصيبة جرت على عبد العزيز في هذه السنة معروفه لم يشكر، وأعداؤه قد تعددوا وهجرته بواديه، وهناك الطامة الكبرى وهي قلة المال عنده فما مر عليه في دهره كله مثلها فيا ما أمر فوادح الدهر وقواهره، هذا وهو حاكم نجد وكبير العرب، فعند ذلك حاول أن يستدين من أهل الكويت فاعتذروا خوفًا من مبارك بن صباح؛ فأرسل عبد العزيز إلى نسيبه ووكيله في البصرة وهذا اسمه عبد اللطيف باشا المنديل يطلب منه ألفين ذهبًا فقط ويقول له أن يقبض القيمة مما تبقى عند الدولة من معاش والده عبد الرحمن الفيصل.