الموقعين لابن القيم، ولما تنجل هذه الوحشة بل دام المقام متوترًا، جاء الشيخ عمر إلى الأمير عبد الله بن جلوى حال كونه في إمارة القصيم، وطلب منه أن يسمح له بالذهاب إلى النبهانية يقيم فيها لأن الأحوال اضطرته إلى ذلك، فطمأنه الأمير عبد الله وطلب منه أن يتريث حتى يتمكن من مراجعة الحاكم عبد العزيز بن عبد الرحمن وكان الشيخ قد أتى إلى الأمير بجملة بعثها إليه القاضي ابن بشر فيها توجيهات وتأنيبات له.
وكان صاحب السمو الأمير عبد الله رجلًا فصيحًا حكيمًا سياسيًا يقدر أهل العلم ويعرف لهم مواقفهم فاستقرأها حتى أتى على آخرها، ثم أنه بعثها إلى صاحب الجلالة في الرياض، وما كاد السلطان عبد العزيز يعلم بموضوعها حتى دعا بخادم له يدعى أبا ردن، وأمره يذهب من فوره غداة يوم السبت فيقدم إلى بريدة يوم الخميس فيعزل عبد العزيز بن بشر ويجعل ناصر بن سليمان بن سيف إمامًا في المسجد الجامع حتى يقدم من بلد البكيرية فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم فيتولى القضاء، فنفذت هذه التدابير بسرعة خارقة.
ولما أن قدم صباح يوم الخميس صلى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن بشر بالمسلمين صلاة الظهر ثم ناوله أوامر السلطان وصلى في جامع بريدة صلاة العصر الشيخ ناصر بن سليمان، وبارح القاضي الإمامة والقضاء، ثم بعث الخادم إلى الشيخ في البكيرية ليباشر مهمة القضاء.
ولما تعلل الشيخ واعتذر عن القضاء بعث إليه الشيخ عبد الله بن فداء من فوره يطلب منه أن يقدم على الفور، وأن لا يقطع رجاء المسلمين الذين ما زالوا يتعطشون لتوظيفه، فقدم إلى بريدة وباشر القضاء والإمامة فيها، وكان عند حسن الظن في العدل والنزاهة والقيام بما وسد إليه من الأعمال.
وكان الشيخ عبد الله رجلًا حصينًا حليمًا متواضعًا، واستمر في القضاء من هذه السنة حتى توفاه الله تعالى وسنذكر مناقبه وفضائله في سنة وفاته.