للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تضجوا إذا كلمكم أحد فلا تجيبوه حتى وإن ضربتم بالبنادق ونحن في الطريق فلا تضربوا، أما وقد صرتم في الكوت فحاربوا من حاربكم ووالوا من والاكم، فأما البيوت فلا تدخلوها والنساء لا تدنوا منهن.

قال ذلك ومشى أمامهم فسارعوا على الإقدام تحت ستار الليل وهم يحملون جذوع النخل والحبال، فلما أن وصلوا إلى السور قسمهم ثلاث فرق، فقال للفرقة الأولى: أنتم تسيرون إلى الباب الجنوبي فتقبضون على الحرس وتستولون على الباب وما يليه، وللفرقة الثانية وأنتم تسيرون إلى السرايا على المتصرف فيها فتأسرونه، وللفرقة الثالثة وأنتم تتفرقون في أبراج السور، هذه هي أوامر فاعملوا بها ولا تتعدوها، فقام الناس وحزموا الجذوع بالحبال فصنعوا منها سلمًا تسلقه عشرةً من ذوي الشجاعة والجرأة، ثم رموا بالحبال إلى العساكر، فصعدوا ساكتين ونزلوا إلى الكوت متسللين والحرس يسألون من أنتم فلا يجيبهم أحد، فلما تكامل دخولهم سارت كل فرقة إلى الجهة المعينة لها، ولكن هذا العمل لم يتم بدون ضجة في الحصون والمدينة، ثم فزعت العساكر والأهالي من النوم فاستولت عليهم الخوف والذعر وهم لا يدرون من الهاجم فعلت الأصوات وأطلقت البنادق.

فأمر إذ ذاك صاحب الجلالة عبد العزيز أحد رجاله أن يصعد إلى السور وينادي أن الحكم لله ثم لعبد العزيز بن عبد الرحمن، من أراد العافية فليلزم مكانه، فلما نادى المنادي بذلك استبشر الناس وتهللت وجوههم وجعلوا يهتفون كبارهم وصغارهم أهلًا وسهلًا سمعًا وطاعة، بل جاءوا بالمياه إلى العساكر كأنهم إخوانهم وقد عادوا من سفر، أما عبد العزيز فهو خارج السور فأراد أن يتسلقه فأبى عليه ذلك من بقي من الجنود فهدموا جانبًا من السور فدخل ودخلوا معه.

وكان الحرس قد لجؤوا إلى القلعة وأهل الكوت بعد أن سمعوا صوت المنادي والناس، وقد خرجوا من بيوتهم جاؤوا يراجعون بابن سعود ويعاهدونه على السمع والطاعة والولاء، فلما طلع الفجر جاء بقية الأهالي يبايعون ويرحبون، فأكرم عبد العزيز محسنهم وعفا عن مسيئهم، أما الأتراك فباتوا تلك الليلة بشر ليلة