فيما يبيتون له من الكيد وما سينصبونه له من الأشراك لعلمه أن الدولة لا تدعه وشأنه، ولحسن حظه اشتعلت نيران الحرب العالية الأولى وانشغلت الدولة عنه، ولكنه ماذا يصنع لما سمع بانتصاراتها الباهرة وهي متى ما خرجت من الحرب فلا بد أن تحمل عليه حملة قوية للتنكيل به واسترجاع البلاد منه، لا سيما وهي لا يزال لها الحجاز قوة لا يستهان بها، أضف إلى ذلك أن بريطانيا العظمى تفاوض الشريف وقد اعترفت له بالزعامة على بلاد العرب وتمنيه ببسط حمايته على نجد بمقتضى خطابات مكماهون للشريف فإن سلم ابن سعود من الأتراك فإنه لا يسلم في الغالب من نفوذ بريطانيا فبينما هو يفكر في الموضوع إذا ببريطانيا تطرق أبوابه لوضع اتفاقية معه تأمن بها شره وتخطب بها وده ويأمن بها في ملكه، فيا لهذا الفرج الذي من به الله عليه.
ولما كلمه السير برسي كوكس انتهز الفرصة ليأمن على حكومته فقال له المندوب أن بريطانيا العظمى قد انتدبتني إليك لأعقد معك أيها الأمير معاهدة صداقة تحقق لك كلما تصبو إليه وتمنع عنا ما نخشاه من ضرر قد يتأتى منك فماذا تريد فلم يكد يسمع هذا من مندوب بريطانيا حتى تلألأ وجهه فرحًا وأجابه بصراحة العربي وطيبة قلبه أن نجدًا والإحساء والقطيف والجبل وملحقاتها والمرافئ التابعة لها على سواحل خليج العجم كل هذه المقاطعات متابعة لي ولآبائي من قبلي وأنا الحاكم المطلق على جميع القبائل الموجودة فيها، وكلما أريده هو أن أحتفظ باستقلالي ولا يعارضني أحد في الحكم والسلطان، وإذا حاول أحد الاعتداء علي فأريد منكم أن تعينوني عليه ولا أريد منكم غير هذا، وأنتم ماذا تريدون، فأجابه السر برسي كزكس بلغة السياسي العظيم ودهائه: نحن على استعداد لأن نجيبك إلى طلبك هذا ولا نريد منك إلا ما فيه رعاية مصالحك وتقديم كل ما يمكن من الخدمات إليك: ثم عقدت الاتفاقية في سبع مواد وهذا نص بعضها:
رابعًا: يتعهد ابن سعود بأن لا يسلم ولا يبيع ولا يرهن ولا يؤجر الأقطار المذكورة ولا قسمًا منها ولا يتنازل عنها بطريقة ما.