يعود مسرعًا ومعه المعتمد البريطاني، فأذن له عبد العزيز بالسفر وأرفقه برهط من رجاله، وقد كان فلبي له قصد في رحلته، وهو أنه قطع صحراء نجد في رحلة طويلة ليضع كتابه في قلب الجزيرة، وكان معتمدًا عظيمًا لبريطانيا في نجد، ومن المعلوم أن الطريق إلى نجد برًا من الحجاز هي أقصر جدًا من الطريق البحرية الهندية، وقد كان يزعم الشريف في ادعائه أنها آمن منها في تلك الأيام، وكان هذا المال الذي يبذل في شبه الجزيرة يجيء عن طريق مصر، وأن الحكومة الإنكليزية في الخليج الفارسي كانت في حاجة إلى قسم كبير ليصرف في أطراف العراق ونجد.
ولما سار المستر فلبي إلى الحجاز هو متأكد أن سيعود في الطريق نفسها ومعه في الأقل المال الذي كان متوقفًا في جدة، سار ومعه كتاب من ابن سعود إلى الملك حسين مدبجًا بيراع اللطف والولاء، فلما قدم الطائف وعلم به الشريف لم يسعه إلا إبداء السرور به لأنه ضيف كريم، فدعاه إلى جدة ليكون في ضيافته، فتوجه فلبي من الطائف مارًا بالسيل فعين مبارك فالوزيرية فحجوم فالمرشدية فحده فبحره حتى وصل جدة.
ولما أن اتفق بالحسين وناوله كتاب ابن سعود قابله بالفظاظة والغلظة وقال للمستر فلبي أن الرجوع إلى نجد يا حضرة النجيب غير ممكن، ولما أراد الذهاب أبى أن يعود فارغ الوطاب بدون أن يعمل شيئًا، فجس نبض الحسين وأراده على وضع معاهدة صداقة بينه وبين الإنكليز فلم يوفق، وكذلك عاوإلاثنان الآخران من وقد الإنكليز وما حصلوا على شيء من الحسين.
أما رجال ابن سعود فأذن لهم الحسين بالرجوع إلى بلادهم، ولم يزودهم بكلمة لطف أو عنف، ما هو إلا إن قال لهم لا لزوم يا أولادي للكتابة نحن نحل مشاكلنا بيدنا، كذلك عولج المشكل السياسي خلال الحرب، فظل مشكلًا بعدها.
أما المشكل الحربي فقد كان حله يختص بمصادرة المؤن والذخائر التي كانت تصل إلى الأتراك في بغداد وفي الشام عن طريق الكويت والبادية، وكانت الكويت هي الباب الأكبر للتهريب تجيئها المؤن من جميع الأرزاق كالشاي والأرز والسكر من الهند