للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعشائرك، وإذا رفض الرجوع فنحن معك عليه، فلبث عبد العزيز ينتظر الجواب من مشايخ شمّر، ولم يرَ أن يبقى المستر فلبي أثناء ذلك عنده في الرياض فصارحه في الأمر فرغب فلبي في رحلة علمية إلى وادي الدواسر، واستأذن ابن سعود بذلك فرحله مصحوبًا برهط من المحافظة، وذلك في شهر رمضان، ثم إنه جاء الجواب من ابن رشيد يرفض مطالب رؤساء شمّر فجمع عبد العزيز جيشه يريد الزحف إلى حائل، وكان فلبي مرافقًا للجيش ولكنه لم يكن كمواطنه الذي سار معه في وقعة جراب شكسبير وشارك في القتال حتى قتل، بل تخلف هذا في القصيم وتقدم عبد العزيز بجيشه إلى حائل وكان قصده أن يشغل ابن رشيد عن مناوشات العرب الذين كانوا يحاربون مع الأحلاف في شرقي الأردن.

ولما وصل إلى ماء ياطب في أطراف حائل رأى جموعًا كبيرة من العربان وقد حالوا دونه وأمنيته، ولكنه هاجمهم فأصاب منهم مغنمًا، وعاد فنزل على ماء قريب من المدينة فخرج ابن رشيد في آخر النهار يريد الهجوم عليه ليلًا، لكنه عدل عن قصده وقفل راجعًا بدون قتال، وسبب ذلك أن الترك استنجدوه، لأن "الجنرال اللنبي" قد بدأ في الهجوم العام على الترك في فلسطين وشرقي الأردن، فعدل ابن رشيد عن محاربة ابن سعود إلى نجدة الأتراك، وقد كان من المألوف في مثل هذه الحال أن ينهض الجيش المهاجم فيتأثر الجيش المتقهقر ويجتز ساقته، ولكن الله تعالى ما أرادها لابن سعود في تلك الساعة بل عاد في اليوم الذي بعد هذا إلى القصيم وقصده أن يجمع قوة أكبر من تلك القوة التي كانت معه فيقسمها إلى قسمين، قسم لمنازلة عربان شمّر، وقسم لمهاجمة حائل، ولكنه مثل خصمه عدل أيضًا عن قصده والسبب في الحالين هو ما أحرزته جيوش الأحلاف والعرب في هذه المدة من النصر المبين في فلسطين وسوريا، وكان ذلك في ذي القعدة، فوصل الخبر كالبرق إلى البلاد العربية، ودخل العرب الشام ظافرين وفر الترك منهزمين، وسلم الألمان وعقد الصلح، فعندها تعظ العرب وتوقف ابن سعود وابن رشيد عن القتال وعقدا فوق ذلك مثل الأحلاف وألمانيا صلحًا صغيرًا.