الدين عندهم فكالرداء يلبسونه زمنًا فيغسلونه مرة أو مرتين ثم يلبسونه مقلوبًا ثم ينبذونه وقد تمزق نبذ النواة، كيف نتوضأ ونحن نبغي الماء للشرب، ولم الصوم والسنة كلها رمضان عندهم إلى غير ذلك.
وكذلك كانوا في ولائهم لهذا الأمير وذاك لا يفرقون وربك بين ابن سعود أو ابن رشيد أو ابن صباح بل من رجحت كفة ميزانه فهم معه سيف في يد الأمير يومًا، وخنجر في ظهره غدًا مجاهدون إن كان ثم غنائم يحاربون ما زالوا آمنين ويفرون شاردين عند أول خطر يلوح، لذلك كان ابن سعود يقدمهم في القتال ويدعمهم بالحضر وكان فيهم شجاعة إذا كان لهم ظهر وإلا فإنهم فارون، وقد جاء في أمثال العرب.
"البدوي كالقرلي إن رأى الخير تدلى وإن رأى الشر تعلى" ولكن البدوي وحده يدافع عن نفسه وبعيره حتى الموت وإن كان خصمه قبيلة بأسرها فسبحان من خلقهم والسلام.
وكان عبد العزيز بن عبد الرحمن يقول محدثًا عن البدو الذين اشتهروا بالإخوان يجيئوننا في السلم فنعطيهم كل ما يحتاجون إليه من كسوة ورزق ومال ولكنهم في أيام الحرب لا يطلبون شيئًا منا فيتزر الواحد منهم الخرطوش ويبادر إلى البندق ثم يركب الذلول إلى الحرب ومعه شيء من المال والتمر قائلين القليل عندنا يقوم مقام الكثير عند غيرنا كنا نمشي ثلاثة أيام بدون أكل يأخذ الواحد منا تمرة من حين إلى حين يرطب فيها فمه.
وقد كانت الحاضرة قدمًا وأشد بأسًا من البادية أما الآن فالبادية المتحضرون أهل الهجر هم في القتال أثبت من الحاضرة وأسبقهم إلى الاستشهاد فرأى عبد العزيز أثابه الله أن يجعل لهم هجرًا فيكون وطن البدو البادية وهي مهد الشرك، فالهجرة منها إذن هي الهجرة إلى الله والتوحيد فنقلهم من بيوت الشعر إلى بيوت من لبن وحجر.