بريطانيا العظمى بواسطة مندوبها في العراق يخبرها بمقاصد الملك حسين وقائد جيشه ابنه عبد الله فجاءه الجواب أن ذلك من الإشاعات التي لا صحة لها.
فكتب ابن سعود ثانيًا يقول ما معناه:
إني متحقق ما أخبرتكم به وما أخبرتكم خوفًا أو شكاية بل لتكونوا عالمين بالحوادث وبما قد يعقبها، وكتب ثالثًا يخبر المندوب السامي أن الأمير عبد الله مشى بجيشه من المدينة ووجهته تربة فلم يجيئه جواب الكتاب الأخير، وكان عبد العزيز لا رأى هذه الحركة قد جهز سرية مؤلفة من ألف ومائتي هجان بقيادة سلطان بن بجاد أمير الغطغط فأمرها بالمسير إلى الخرمة وتربة للمحافظة على أهالي تلك الناحية وأمر ابن بجاد والعالم الرافق للسرية بأن تكون خطتهما الدفاع لا غير، ثم أرسل بعض العقيلات متجسسين وأمرهم بأن يخبروه خصوصًا بما يفعله الأمير عندما يصل إلى عشيرة فإذا ترك عسكره هناك ودخل مكة كان فيما كتب صادقًا وإذا استمر سائرًا كان جوابه خدعة فزحف الأمير عبد الله بجيشه من المدينة جنوبًا إلى عشيرة فوافاه إليها والده الحسين إلى مكة وبعد المفاوضة عاد الحسين إلى مكة واستأنف عبد الله السير جنوبًا فخيم في شعب يدعى البديع في جبل حضن، وكان قائد الجيوش الهاشمية عبد الله بن الحسين يقول لمن يحدثه بعد ذلك أنه لم يكن من رأيي مهاجمة تربة وقد حاولت أن أقنع جلالة الوالد بالعدول عن عزمه ولكني كقائد الجيش الهاشمي مطيع لأوامر مولاي حتى أني كتبت إليه بعد أن تذاكرنا في عشيرة ولبثت في البديع أنتظر جوابه فلم يكن غير الأمر بالزحف.
ولما أن علم المعتمد البريطاني بمقصد الحسين حينما عزم على تسيير الحملة المذكورة وتبين له ما يبيته لابن سعود، بعث إليه خطابأ مع سكرتيره "حسين أفندي روحي" ينهاه عن ذلك وينصح له فصمم وأجابه بصوت جهوري سمعه الحضور وبعض الجنود امض وقيل لهم لا نسمح لأحد بالتدخل في شؤوننا ولنا الحق في أن نفعل ما نريد فبذلك عصى بريطانيا التي هي عضده الأشد وما عمل بنصيحة قريب ولا بعيد.