للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبواب الحجاز حتى أصبح الحج بهذه المعاملة منه كالآعيب الصبيان يقبلون محرمين فيردهم من حيث أتوا، فرفع ابن سعود طلبًا حارًا إلى بريطانيا العظمى، أن تضع حدًا لهذه المشاكل التي لا تزال نارها مشبوبة بينه وبين خصمه الذي طالما آذاه وأساء إليه بالتأليب عليه ومنع رعيته من حج البيت الحرام، وإذا كان قد عمل بنصائحها فرجع فورًا بعد وقعة تربة، وترك الشريف وشأنه، ومع ذلك فهي لا تزال تقف في نحره دون الشريف، فكيف لا تمنعه من هذا الأذى أو تترك ابن سعود وشأنه في مشكلته يعالجها بنفسه، فكتب نائب مصر خطابًا إلى الحسين فيه:

إنها لا تزال بريطانيا باذلة عنايتها بمصالح العرب، وإنه مما يؤلمها الحركات العدائية بينه وبين ابن سعود، وإنه لا يجهل شروط المعاهدة الحالية بين الحكومة البريطانية وبين ابن سعود الضامنة حقوقه داخل حدود بلاده، ثم أطال بتمام الاحتفاء والتوقير للحسين، وقال في آخر الكتاب مستنكرًا منه قطع علاقات الود مع ابن سعود بإرجاع رسله ورفض كتبه ثم قال:

إنني أرجوكم أعظم الرجاء أن تجتهدوا لمنع كل البواعث الجوهرية التي تؤدي إلى سوء التفاهم مع الأمير المشار إليه بشأن سياستكم نحوه، فإنه وإن كان أقل درجة من جلالتكم وأضعف موارد لا ينكر أنه ذو أهمية في السياسة العربية.

وحقًا أن يقال ما قصرت الإنكليز باحترام الحسين، ولكنه من قبل نفسه أتي ولو لم يقس هذه القساوة، وتوسل إلى أغراضه بالإناءة وسعة الحيلة لاستطاع أن ينال مبتغاه.

فبعد هذا الكتاب عاد إلى الملكين الهدوء والسكينة، ولكن القلوب فيها ما فيها، ولم يدم الصفاء إلا أشهرًا قليلة حتى استيقظت الضغائن بالحوادث التي اندلعت نارها من جديد بين قبائل نجد والحجاز من أمر الاعتقادات، وعاد النزاع كأشد ما يكون، فاشتعل غضب الحسين ومنع أهل نجد من الحج، فتدخلت الحكومة البريطانية وبعثت خطابًا إلى ابن سعود وطلبت منه أن يمنع الحوادث، ورجت الحسين رجاءً حارًا أن يأذن بالحج لمن يرغب من أهل نجد أسوةً بالمسلمين في جميع الأقطار، ولكن الحسين أبى أن يظهر بمظهر السميع لتعاليم بريطانيا ليرى خصمه