تقمص بالتقوى وبالخشية ارتدى ... ولم يمض منه العمر في غير طائل
ومن شأنه قمع الضلال ونصره ... لمن كان مظلومًا وليس بخاذل
وكم كان في الدين الحنيف مجاهدًا ... بماضي سنان دامغ للأباطل
وكم ذبّ عن سامي حماه وذاد من ... مضل وبدعى ومغو ونائل
* * * * *
ففيم استباح أهل الضلال لعرضه ... وما نكست أعلامه بالأراذل
وليس له شيء عن الله شاغل ... ولا عن وصال الاعتبار بفاصل
فلولاه لم تحرز رحى الدين مركزًا ... ولا اشتد للإسلام ركن المعاقل
ولا كان للتوحيد واضح لاحب ... يقيم اعوجاج للسير من كل عادل
فما هو إلّا قائم في زمانه ... مقام نبي في إماتة باطل
ستبكيه أجفاني حياتي وإن أمت ... سيبكيه عني جفن طل ووابل
وتبكيه أقلامي أسا ومحابري ... ويبكيه طرسي دائمًا وأناملي
عجبت لقبر ضمه كيف لم يكن ... يميد ببحر فائض العلم سائل
ولله نعش كان حامل جسمه ... هنيئًا له إذ كان أشرف حامل
ولا غرو أن يبكي الزمان لفقده ... فقد كان غيث الجود كهف الأرامل
فآها على ذاك المحيا وحسنه ... وآها على تلك العلوم الجلائل
وآها على تحقيقه ودروسه ... وتوضيحه للمعضلات المشاكل
* * * * *
فمن للبخاري بعده ولمسلم ... يبين المخبا منهما للمجادل
ومن ذا لتفسير الكتاب ومن ترى ... لأحكام نقد الدين من للمسائل
ومن لمسانيد سمت ومعاجم ... وكشف لثام الحكم عند النوازل
ألم ترى أن الدهر نصف كأبة ... عليه وذو جسم من الحزن ناحل
ومن للمعاني والبيان ومنطق ... وردع أخي الجهل الغوي المجامل