ومحا دولة آل رشيد وأخضع آل عائض، فوربك ما بقي إلا الحجاز وهذا مؤذن بدنو الخطر بل أغرى قبائله فأطاعه بعضهم ورجع الخرمة وتربة في ملكه، فإذا لا يطيق الحسين أعمال ابن سعود.
ولما أن منع أهل نجد من الحج في هذه السنة وتوسلت بريطانيا إليه بأن يأذن في الحج ويبرم معاهدة مع ابن سعود، فجرت مفاوضات طويلة اشترط الحسين فيها بأن لا يسمح بالحج في هذه السنة حتى يتم جلاء ابن سعود عن الجوف ورنية وبيشة وتربة والخرمة وكل بلد اغتصبها على حد زعمه، فيقال يا عجبًا لذلك أفلا يرد الشام والعراق والحجاز التي أخذتها بريطانيا من الأتراك وجعلته وأبناءه فيها وبهذا تعلم سوء سياسة الحسين بن علي فإنه بعد انتهاء الحرب العظمى لوحظ أنه بصفته الوحيد المرشح للخلافة لما فيه من الصفات المؤهلة لها وأنه ناصر الحلفاء وانضم إليهم في ساعة الشدة، فلا تجد بريطانيا من المروءة أن تتخلى عنه، وأيضًا قد بسط ملكه وسلطانه على كل من العراق وسوريا بواسطة اعتلاء أبنائه على عرش الملك في تلك البلاد فأخذ يطالب بريطانيا أن تقنعه بأنه على غير حق في مطالبه، ولكنه أصر على عناده وأخذ يتهددها غير مرة بترك البلاد والتخلي عن الملك فلتعين من يستلم البلاد منه فتحيرت بريطانيا وعجز ساستها عن فهم هذه العقلية الغريبة فبينما هو يطالب باستقلال العرب أجمعين ويدعي لنفسه الزعامة عليهم ومن مصلحتها هي أن تظهره بهذا المظهر أمام العالم إذا هو يكتب لها بأنه سيترك البلاد لتسلمها إلى من تختاره بدلًا عنه فكأنه بذلك يعترف بأنه عامل من عمالها، ولقد حاولت فعلًا أن تصلح سياسته معها وتحتفظ به فلم تشعر إلا به أصدر منشورًا إلى الشعب الإنجليزي باللغة الانجليزية يشكو إليه حكومته فضاقت به ذرعًا وتوترت العلاقات بينها وبينه ورأت من المصلحة أن تتركه وشأنه مع ابن سعود وتتخلى عنه دون أن تتدخل بينهما فيما بعد ذلك، ثم جرت مفاوضات طويلة في هذه السنة