على البلاد النجدية، فأقلق راحة ابن سعود من كل الجهات ولم يترك وسيلة إلا لجأ إليها هذا، وابن سعود يقابل أعماله بالسكوت والمجاملات الودية ولا تقابل مجاملات ابن سعود إلا بالرد الشنيع الازدراء فضلًا عن اضطهاد الشريف لكل من هو نجدي في بلاد الحجاز ومن يتحدث عن نجد وعن الإخوان عنده أو ذكر اسمهم فإنه يمقته أشد المقت مع نشره مسبتهم في جريدة القبلة، ولم يكتف حتى منع أهل نجد عن الحج وصدهم عن البيت الحرام الذي جعله الله للناس سواء العاكف فيه والباد، كأنه ملك له ولأبيه يفتحه لمن يشاء ويصد عنه من شاء، فأين الجلالة الهاشمية وما يدعيه ما بالها لا تعمل بالكتاب والسنة.
فلما أن ضاق نطاق أهل نجد عما يقاسونه من الأذى وكلت كواهلهم من حمل ما يكابدونه من الشقاء فزعوا إلى صاحب الجلالة السعودية وأبدوا بما عندهم قائلين يا الإمام ما على هذا من صبر فأذن لنا في الشريف لنغزوه في عقر داره، فجعل السلطان عبد العزيز يسكنهم ويعدهم بحسم الأمور بالوسائل السلمية قبل الالتجاء إلى امتشاق الحسام.
ولما كان في تلك الأيام ذهب جلالة الملك الحسين بن علي الشريف إلى فلسطين وشرقي الأردن وعمان ليشرف على جميع البلاد المقدسة ويزور الأماكن التي فيها مراكز للحكومة ويوطد السيادة العربية في الشرق العربي، هذا ما زعم برأيه وحدثته أمنيته به، وهناك ألزم أنصاره أن يبايعوه بالخلافة العظمى ليجعلها حجة في إخضاع ابن سعود وغيره من أمراء العرب، ولكنه بذلك جني على نفسه فأغضب العالم الإسلامي أجمع وعجل في القضا على مملكته وعلى نفسها تجني براقش، فلما رأى ابن سعود ما صدر من الشريف لم ير أن يقدم على إعلان الحرب عليه حتى يرى العالم كافة موقف الحسين السلبي نحوه فعقد مؤتمر الكويت في هذه السنة الذي كان يشبه مؤتمر صلح الحديبية وما أشبهه به إذا كان بين الفتحين ثلاثة عشر قرنًا وثلث وتذكره وإن كان قد اعترض لقصة الشريف.