هذا الإقدام، وهذه الجراءة كان الأمير عبد الله يومئذ متغيبًا، فعندها صدرت أوامر الحكومة بالدفاع، فبادر العربان وفي مقدمتهم الصخور والحويطات إلى محاربتهم، فاشتبكوا في معركة دامية، واستمروا بضع ساعات، وكان بيك باشا القائد الإنكليزي للجند النظامي قد أرسل الطيارات، والسيارات المدرعة على الإخوان، فحلقت الطيارات فوق العربان المتلاحمين، وشرعت ترميهم كلهم بالقذائف، كما أن السيارات أطلقت عليهم جزافًا مدافعها الرشاشة، كأني بأولئك الإنكليز يقولون من أين لنا أن نعرف النجدي من الأردني، والعرب في القيافة لا يفرقون بعضهم عن بعض، نعم كلهم عرب أغمض عينيك يا ابن جانبول، واضرب فكانت القتلى بين الفريقين قبل مجيء الطيارات والسيارات نحوا من مائة رجل، فلما رعدت الطيارات والسيارات، وألقت قنابلها على المتلاحمين، انفصلت هذه الواقعة عن أربعمائة قتيل من الإخوان وعربان عمان، واختلط الحابل بالنابل، وكان بعض الأسرى من الإخوان، يحملون علبًا من التنك الإنكليزي الصنع، فيها لحم مقدد، حتى قال بعض أهل المعرفة من تلك الناحية: من ينكر بعد ذلك أن الإنكليز يساعدون ابن سعود هذا لحمهم المقدد يأكله الإخوان، وكان هذا اللحم من الحملة التي غنمها الإخوان في طريقهم، نعم إنه لحم من لحم الإنكليز ومن بلاد الإنكليز، ولولا القوة الهائلة التي كانت تديرها الأيدي الإنكليزية، لاكتسح النجديون الشرق العربي، ولرفعوا العلم السعودي فوق ربى عمان.
أما الأمير عبد الله فبعدما عاد إلى عاصمته شكر الإنكليز التي لا تزال إلا تكلى بعينها الزرقاء البيت الهاشمي، وأما سيد هذا البيت الأكبر الملك حسين فقد كان في قصره بمكة متوسدًا وسادة الخلافة، مطمئنًا واثقًا بما تضمره الأيام، ويدبج المقالات لجريدة القبلة، نحن نشكر كمالات حكومة بريطانيا العظمى على ما أظهرته من الحمية في الشرق العربي، ولكننا مع ذلك لا نتنازل عن حق من حقوقنا، إن سورية جزء من البلاد العربية وإن فلسطين للعرب، ولا نوقع معاهدة فيها، ما ينفي هذا القول بل هذا الحق، ومن أعرف من بالبدو وبالمتدينة قنبلة من مدفع تبددهم، وطيارة واحدة تشتت شملهم، والبرهان في الشرق العربي، وكان يفكر في تعزيز ملكه في الشرق الأوسط أيضًا، فعين وزير خارجيته الشيخ فؤاد الخطيب سفيرًا للحجاز في طهران.