البلد إلى الشمال، ووقفوا ثانية لسرايا الجيش الزاحف، وشرعوا يطلقون عليهم المدافع، فاستمروا في مناوشتهم دون أن يتمكنوا من ردهم ثلاثة أيام، كما أنه انضم قسم من البدو والذين كانوا في المراكز الأمامية الإخوان وسلم الباقون.
أما الجنود النظامية فبعدما ولو الأدبار، وتحصنوا في الهضاب للدفاع، لم يتمكنوا من شيء، ولم يحصلوا على طائل، وما حسبوا لهذه الجراءة حسابًا، بل كانت حكومة الحسين تظن نفسها قادرة على إخضاع كل أمير عربي لسيطرتها.
فلما أن وصلت أخبار الهزيمة إلى مكة، أمر الملك حسين نجله عليًا بإنجاد جيش المدافع، فجاء الأمير مسرعًا بسرية من الخيالة وأخرى من الهجانة.
أما النجدة التي مشت في طريق السيل فلم تصل إلا بعد سقوط الطائف، فوصل الأمير علي يوم الخميس الموافق ٦ صفر، فدخل الطائف ليلًا، وخرج منها في عصر ذلك اليوم، ليعسكر بالهدي الذي هو على مسافة أربع ساعات من الطائف، وكان الجيش النجدي يزداد قوة وعددًا، فاضطرت الجنود النظامية أن يتقهقروا إلى مدينة الطائف في صباح يوم الجمعة، فتقدم الإخوان وصار رصاصهم قرب الظهر يسقط داخل السور، فاستولى الذعر والخوف على الأهالي، وكان الأشراف في مقدمة الهاربين فقد خرج آخر ذلك اليوم أمير الطائف الشريف شرف عدنان، ووزير الحربية وجنوده النظاميون، وسائر الأمراء والموظفين من الطائف، لأنهم رأو كما قيل: أنه خير لسلامتها ولسهولة استردادها فلحقوا بالأمير علي.
فلما شرد الأشراف وتشتت الجيش في الساعة الثانية ليلًا من ثامنة صفر، دخل الإخوان مدينة الطائف في غسق الدجا كالسيل الجارف وهم يكبرون ويعتزون ويطلقون بنادقهم في الفضا، ثم طفقوا يطلقونها في الأسواق وهم يطوفون في المدينة، فقتلوا عددًا من الأثرياء الذين لم يسارعوا مثل غيرهم من الأهالي إلى بيوتهم مستأمنين.
وكان قد تخلف في مدينة الطائف جماعات من عرب الحجاز من الطويرق والنمور والعقوم وغيرهم، ناهيك بمن دخل مع الجيش من البدو والذين جل