الجيش السعودي النجدي بعد الحج إلى الرغامة وشدد الوطأة على العدو وضغطه ضغطًا شديدًا بالحصار، وفيها فتح ابن سعود أبوابه للوفود، وأول من استأذنه لزيارة الحرم والحج والعمرة هم القناصل الذين يدعون الإِسلام في جدة، عبد الكريم حكمين معتمد حكومة السوفيتي، ورادين برا ويرى نائب قنصل هولندا وأحمد أفندي لأرى وكيل قنصل إيران، فأذن لهم السلطان وبعد الأذن والزيارة للحرم دعاهم لزيارته في مقره بالوزيرية.
وبينما كانوا هناك يتكالمون بالصلح لعل الأمور ترتقي والحال تستقيم إذا بالإخوان قد هجموا في الليل على جناح خط الدفاع الأيسر من البحر إلى الكندرة هجمة هو جاء قبيحة وجعلت بنادقهم ورشاشاتهم تدوي دويًا منقطعًا كل الليل حتى الفجر، وجعلت الجبال لها عواء عظيم تجيب الصدا، وهذه كعادة الأخوان إذا صالوا فإنهم لا يهابون عددًا ولا عدة، "خيال التوحيد أخو من أطاع الله" فما كان لزيارة القناصل فائدة والحرب يعجز عن كشفها الجن والإنس، فتكلم القناصل مع السلطان قائلين إننا نتكلم مع عظمتكم في هذه المسألة بصفتنا الشخصية لا بلسان حكوماتنا لأننا شرقيون يهمنا الإصلاح والاتفاق بين الشرقيين، فأجاب السلطان قائلًا: كأن القوم لم يدركوا حتى اليوم غايتنا ومرامنا، فما زال الشريف علي في جدة، فلا سبيل إلى الصلح، أما إذا أخلاها وترك المسألة للعالم الإِسلامي، فنحن نقبل بما يقرره بشأن الحجاز، ثم سأل السلطان قناصل الدول المذكورين هل يأذن بقدوم وزير الخارجية فؤاد الخطيب، وطلبوا أن يسمح له بالمثول بين يديه في البحث في المسألة لعله يصل إلى حل يرضي الجميع، فأجاب أنه يرحب بمن أراد القدوم عليه سواء كان فؤادًا أو غيره، فرجع القناصل إلى جدة يحملون الأذن بزيارة الخطيب، فكتب فؤاد إلى عظمته يذكر أن بعض الأصحاب أنبأه بما حقق الأمل المعقود، ويطلب منه تعيين يوم للمقابلة، فأجابه السلطان بالإيجاب على شرط أن يكون الوزير مفوضًا ليوافق علي ما يملي عليه من الشروط ثقلت وطأتها أم خفت فرد الوزير فؤاد يقول أن المأمول من قدومه أولًا شرف التعرف إلى شخصكم الجليل العظيم، ثانيًا: التمهيد لإيجاد صلح تسود فيه