وفي حال تلاوة البيعة في ذلك المجمع كانت قلاع مكة لها رنين ودوي بإطلاق المدافع، فأطلقت مائة مدفع ومدفع، وكان وقتًا هائلًا باهرًا والناس أثناء ذلك يتزاحمون حول تلك السجادة الواقف عليها السلطان ليتقبل البيعة، فتقدم أولًا الأشراف، ثم الوجهاء والأعيان وتلاهم المجلس الأهلي، فالمحكمة الشرعية، فالأئمة، والخطباء، فالمجلس البلدي، فأهل المدينة المنورة، فأهل جدة، فبقية خدم الحرم، فالمطوفون، والزمازمة، فمشايخ جاوة، فأهل الحرف، فمشايخ الحارات وأهل المحلات.
وقد جاءت بعدئذٍ برقيات بالمبايعة من المدينة المنورة، ومن ينبع، والوجه، وضبا، والعلاء، وكانت حكومة السوفيت الروسية أول الدول التي اعترفت بملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها، ثم اعترفت بملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها، ثم اعترفت به حكومات بريطانيا العظمى، والجمهورية الفرنسية، وهولندا، والجمهورية التركية، ثم بعد الحفلة مشى جلالة الملك المعظم إلى الكعبة البيت الحرام فطاف بها سبعًا وصلى في المقام، ثم جلس في سرادق دار الحكومة للمهنئين والخطباء، ثم تكلم الخطباء وأبدوا خطبًا بديعة.
قال أحدهم: لا بد للحجاز من ملك مستقل يكون قادرًا على صيانة الحجاز من الداخل والخارج، والذي يستطيع القيام بهذا الأمر هو عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وقال أحدهم: وما أعطاك الله هذا العطا يا عبد العزيز إلا لأنك سائر في مرضاته وقال الآخر بعد إطرائه الأمة العربية في زمن السلف الصالح.
علينا أن نتمسك بذلك الحبل المتين، ليرجع للمسلمين ما كان لهم من السؤدد والعز، فيا عجبًا لهذا الكلام وما فيه من الفصاحة والبلاغة، فإن في هذه الكلمات مثالًا من عقلية القوم ونزعتهم السياسة، ثم خطب صاحب الجلالة والمهابة الملك المعظم والسطلان المفخم، وألقى عليهم من درره وسحره الحلال ما كان أشد وقعًا من جاذبية الكهرباء، وبهر بخطابه الحاضرين وشقق آذان السامعين وأطلق لسان الداعيين والمهنئين فقال: