للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجال المحمل كذلك تقدم نجل جلالة الملك الأكبر سعود بقوة للنجدة غير أن الأمر في ظلام الليل زاد ارتباكًا وجعلت قنابل حرس المحمل تضرب يمنة ويسرة تقتل الآمنين المطمئنين هذا وما كانت قوة المحمل تزيد عدة رجالها عن أربعمائة ويقابل هؤلاء تسعون ألفًا من النجديين وقفوا مكتوفي الأيدي لأن لا يحدث قدح زناد يقضي على الحجيج كله وقد استهدفوا لأن تحصدهم النيران ولم يبق إلا مقابلة الشر كثله من أولئك الأقوياء أهل البأس الشديد فثار جلالة الملك عبد العزيز في تلك الساعة الرهيبة تاركًا نساء آل سعود وأطفالهم وأرخص حياته ليحمي الحجاج بنفسه يتبعه من يطيق السعي من القرابة والأسرة فأحاط به الإخوان يسألونه أمره ويخبرونه بالجرحى المضرجين بدمائهم وكان في أشد التأثر فالتفت إلى الإخوان وقال أذكركم الله وهذا الموقف، أذكركم دينكم، أذكركم حميتكم الإِسلامية وشيمتكم العربية، يا رجال التوحيد إن حجاج بيت الله ضيوفنا وهم في وجوهنا فلا تمد إليه يد بسوء وفي هذا العنق دم يجري.

ولما أن سمع الإخوان كلامه انطفأت نار غضبهم وكفوا راجعين وحملوا سيوفهم يردون إخوانهم عن الإحاطة بالمحمل ومن الأمراء من تقدم يرد الإخوان حتى رجعوا إلى خيامهم ومنازلهم، ومن ضمن أولئك الأمراء حشر بن مقعد بن حميد من مشايخ الغطغط جعل يرد المجموع عن المحمل والرصاص يتساقط عليه من رجال المحمل فقتلت فرسه وكسرت يده وسقط على الأرض وأصيب غيره برصاص حرس المحمل وما كان إلا قليل حتى سكنت الفتنة ولم يوتر أحد من رجال المحمل سوى رجل أصيب بحجر في أنفه وآخر أصابته رصاصة طائشة في يده، وقد بلغ عدد الذين قتلوا من أهل نجد خمسة وعشرين بين رجل وامرأة وطفل، وقتل من إبلهم أربعون بعيرًا وعاد المحمل إلى هدوء وسكينة بعد وقوفه بعرفة ومنى ثم إلى مكة المكرمة.

وبذلك تبين فضل أهل نجد وكظمهم للغيظ وسعة صدورهم، ولولا ذلك الموقف الذي وقفه ابن سعود أمام المحمل بحيث ما كان لأحد أن يقف ذلك الموقف سواه لكان للأمر شأن غير هذا.