ولما أن عمرت هجرة الأرطاوية التي هو أميرها بنى فيها مسجداً فرأى بعض الأخيار في منامه منادياً ينادي في ذلك المسجد لما وصل الحيعلة قال:"حي على الضلال" وكذلك يجري منه في بعض الأحيان أمور تدل على ضلاله، ويظهر فلتات لسانه وجراءته ما يبين على أنه مغموص بالغلضة، فقد يسخر بأحكام الشريعة، كما حكم الشيخ محمد بن عبد العزيز العجاجي على رجل من مطير شج رأس رجل من قبيلة حرب موضحة بخمس من الإبل، فجعل الدويش يغطرس ويستهزئ بقوله: إذاً فليشجه ثانيةً وثالثةً حتى يكون له ذود يا حرب، وكان لا يخاطب جلالة الملك عبد العزيز إلا باسمه، وينتقد سياسته، ولما أن جعله صاحب الجلالة محاصراً للمدينة المنورة، كان أهلها متحرجين منه كارهين له لما شاهدوه من ضغطه وبطشه وسفكه، حتى شاع أنه أطلق النار على قبة الرسول المعظم مما أثار العالم فاضطر صاحب الجلالة إلى إرساله إلى نجد تخلصاً من شره وتطميناً لسكان الحجاز وجعل مكانه نجله الأمير محمداً، ولما علم سكان المدينة بذهاب الدويش استسلموا للأمير محمد بن عبد العزيز، وكان الدويش لم يتورع في هذه الفترة عن إثارة كل عرب الحدود من الإخوان وسواهم وغزو الحدود العراقية غير مرة يقتل وينهب ويفعل ما يشاء، وأثخن من لاقاه بالقتل والضرب والنهب حتى قتل بعض الرجال السعوديين لما ذهبوا للتجارة نحو الكويت والعراق، ولما وصل الدويش برجاله إلى حوالي البصرة لم يترك في طريقه منزلاً إلا هده ولا نخيلاً إلا حرقه ولا قريةً إلا هدها، فضجت بريطانيا لذلك، وأصدر ملك العراق فيصل أوامره بإقامة الحصون على الحدود في منطقة كثيرة الآبار وفيرة الماء، وكان هذا باتفاق مع الإنكليز، وكان المهم في هذا الأمر الذي لا خطورة ظاهرة من حدوثه هو فيما إذا كانت هذه المنطقة من المناطق التي اتفق الفريقان على حيادها وتركها مرعى لمواشي القبائل وموطناً للاستسقاء من مائها الغزير.
ومن سوء الحظ أنه كان ابن لفيصل الدويش يرعى مع بعض أفراد قبيلته في هذه المنطقة، فلما رأى العملة الذين أرسلوا لإقامة الحصون فيها، بعث إلى والده