ولقد دعا بأربعة من سائقي سيارات جلالة الملك بدعوى أنهم ضربوا خادمًا له جاء إليهم يبلغهم أوامر الأمير، وأساءوا الرد عليه، فألقى القبض عليهم وبعث أناسًا يأتونه بجريد النخل الرطب، فأمرهم فضربوا ضربًا بليغًا حتى هلك بعضهم تحت السياط وسلم اثنان بعد مرض طويل.
وجاء إليه أهل القرية يشكون أميرًا من أمراء القصيم بأنه بعث إلى أدباشهم خادمًا أخذها كلها فاستاقها وحبسها في موضع، فسأل عن كيفية أخذها فأخبروه أنها رعت في حماه، فاقتضى رأيه أخذها وقد عطشت الزروع وأشرفت على الهلاك، وقد سعوا في طلبها بكل حيلة فما وجدوا إلى ذلك سبيلا، فدعا الأمير مشاري بعبد من عبيده وقال له: اذهب إليه فإن لم يخرجها فخذ المنشار واقطع به قفل الباب "المجرى" وأتبع ذلك بمشط رصاص أطلقه على موضع الغلق، ثم أخرجها وسلمها إلى أربابها، فما كان إلا بقدر ما ذهب ورجع منفذًا أوامر سيده، وهذه صفته:
كان ربعةً من الرجال يميل إلى القصر، يبدو على وجهه أثار الجدري، وكان مرضه في أنثييه سبب عجيب بل وغريب، وذلك لعضة خنفساء حوالي أنثييه فما زالت تتقرح بسرعة حتى انتفختا وهلك، وقد صلى عليه فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم في جامع بريدة وهو ثقيل من أثار السقم، غير أنه طلب منه ذلك، ودفن في المقبرة الجنوبية المعروفة "فلاجة" ثم إنه جعل جلالة الملك أميرًا في بريدة بعده، تركي بن عبد العزيز بن تركي بن ذعار، فلبث في الإمارة ثمانية شهور ثم أعيد مبارك بن مبيرك.
وفيها هطلت أمطار كثيرة على سائر نجد فكثر الكلأ والعشب وأنواع الكمأة، ونزلت قيمتها إلى درجة زهيدة حتى بيعت الكمأة تسع وزنات بريال، وكثر الإقط والسمن، وظهر الجراد والدباء حتى أكل الأشجار والنخيل، وآخر ذلك دخل الدباء في بيوت الناس، وتأذى الأهالي بذلك وسقط في الآبار حتى أنتنت وجفت وامتلأت المنازل والسقوف من ثيابه وجلوده عياذًا بالله من ذلك.
وفيها شرع في طبع البداية والنهاية تاريخ ابن كثير، وذلك بقيام صاحب