والخمول، الحبر الكبير والعلم الشهير، الشيخ ابن الشيخ سعد بن حمد بن عتيق، وقد قدمنا ذكر نسبه في ترجمة أبيه، ولد رحمه الله ببلدة "الحلوة" القرية المعروفة في حوطة بني تميم سنة ١٢٧٩ هـ، ونشأ بها وقرأ القرآن وحفظه عن ظهر قلب، وجدَّ في طلب علم الحديث، فسافر إلى بلد الهند في زمن كثرت فيه الفتن وترادفت فيه المحن وانقطعت فيه السبل، فتارةً يسير مع ركبان الإبل وطورًا مع المشاة على الأقدام، وأخرى يقطع البحار على السفن فكابد المشاق والعذاب، واحتسب الثواب من رب الأرباب، وقد وجدت من ذكر سفره ما أثبته عن نفسه بقوله يروي لنا قصته فقال:
ركبنا في قارب -وهي سفينة صغيرة- متوجهين إلى بلد من بلدان فارس تسمى "شارك"، وكان ركوبنا قبيل كروب الشمس يوم السبت سابع عشر من جمادى الأولى سنة ١٣٤١ هـ وصاحبنا في تلك الليلة التوفيق من الله تعالى والأسعاف، فلذلك قدمنا البلد في أول تلك الليلة، فلما أصبحنا يوم الأحد اجتمعنا بالأخ علي بن سلمان وخرجنا من تلك البلاد بعد صلاة الظهر متوجهين إلى "لنية" نمشي على أقدامنا لأن البحر في تلك الأيام مضطرب اضطرابًا شديدًا وبعد خروجنا من البلاد المذكورة قدمنا البلاد المسماة "باوردان" عند رجال صالحين منهم الأخ سلمان بن خميس، وابراهيم بن ياقوت ووجدنا عندهم شيئًا من كتب التفسير وبعض كتب شيخ الإسلام وأقمنا عندهم آخر يوم الأحد، ويوم الاثنين، فلما كان يوم الثلاثاء أجمعت على المسير وتخلف الأخ علي عند أصحابه لأنه كان مريضًا وخرجت من تلك البلاد ومعي غلام أرسله معي أهل البلاد لهداية السبيل، وكان اسمه "بلال"، وأصابنا في ذلك المسير مطر بل ثيابنا بللًا كثيرًا، ثم أخذ معي ما شاء الله، ثم رجع إلى وطنه وبقيت في تلك الطريق وحدي متوكلًا على الله معتمدًا عليه، فحصل بحمد الله من الإعانة والتسديد في ذلك الطريق ما لم أظن، وقدمت "مغوة" في وقت الظهر ثم بعد الصلاة خرجت من المسجد لبعض الأغراض، فارتفعت لي السماة "ذوان"