السامي بين البحر والجبال، حتى وصل طابة آخر نقطة في الحدود المصرية، وأرى جنود المخفر المصريين الوثائق الرسمية التي استخرجها له ولرجاله أحد أعوانه بالسويس وهو "محمد رشيد فتوح الكبير"، ونزلوا قرب العقبة ودخلها ابن رفادة وأبو طفيقة لقضاء بعض حوائجهما، ثم غادراها بمن معهما إلى الشريح، ولبثوا بها أيامًا، وهي تبعد عن العقبة أربع ساعات.
هذا والأمير عبد الله بن الحسين على اتصال بهم يزودهم بالأرزاق والعتاد، ولما أثقل كاهل الأمير عبد الله بن الحسين بالديون اضطرت بريطانيا أن تتدخل في أمره وتعين له موظفًا خاصًا يقبض رواتبه ويسدد ديونه ويتولى الإنفاق عليه وعلى قصره بحسب ما تسمح ظروف ميزانيته، ولقد حدا بعبد الله بن الحسين غروره إلى أن أعلن بنواياه ضد ابن سعود فطلب من الأستاذ إحسان سامي أستاذ اللغة العربية في جامعة "عليكر" بالهند أن يبلغ ابن سعود كرهه له، وأنه يعتبره عدوه اللدود، وأنه سوف لا يترك فرصة يستطيع بها البطش بابن سعود إلا انتهزها، وقد بلغ الأستاذ المذكور الرسالة إلى ابن سعود في مقال نشره في صحيفة "المقطم" بتاريخ ١٥ ربيع الأول من هذه السنة، ولم يكتف عبد الله بن الحسين بهذا بل قد رأى من مصلحته أن يقنع الخديوي عباس بجدية الأمر لينال منه ما يريد من مال، فأخذ يذيع عن انتصارات ابن رفادة، بينما كان ابن رفادة المسكين ثائرًا في عمله يعد للثورة سرًا ولا يعلم عما يذيعه الأمير عبد الله وحزبه، مما أدى إلى تنبيه الأفكار إلى حركاته.
ولما كان في صباح اليوم الرابع عشر من المحرم بلغت المفوضية البريطانية حكومة ابن سعود أن "حامد بن رفادة الأعور" خرج من أراضي سيناء ومن شمال العقبة مع بدو يتراوح عددهم بين ٤٠٠ إلى ٤٥٠ ودخلوا الأراضي الحجازية، وكانت الأنباء قد وصلت الحكومة السعودية كما مرَّ، ولما أبلغتها الحكومة البريطانية بجدة تأكد لديها الخبر واهتمت للأمر وسيرت قوة برية بالسيارات، وقوة بحرية إلى ضبا، كما أمرت قرى الهجر من شمّر وعنزة أن تسير إلى الشمال، وبعثت الحكومة السعودية