للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفانٍ عجيب، وكانت صورةُ المشهدِ تملأ الزمان والمكان، بل والتاريخ، وذوو الضمائر الحيَّة في مكةَ يَطْرَبون ويَعْجَبون من علوِّ همَّته .. رأوا رجلاً شاهقًا عليًّا .. لا يدرون: هل استطال رأسُه إلى السماءِ فلامَسَها .. أم اقتربت السماءُ من رأسه فتوَّجته؟!.

رأوا تفانيًا وصمودًا وعظمةً، ويقينًا ناهضًا فوق مِنَصَّةِ الأُستاذيَّة، يُلقِي على البشرية كلِّها أبلغَ الدروس، ويُلقِّنها أمضى مبادئها.

سَلُوا رجالَ مكة .. وسَلُوا الطائفَ عن سيِّد الرجال .. لقد كانت كلماتُه رجالاً.

أي ولاءٍ هذا الذي يحملُه الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - لدعوته!!

فرْدٌ أعزل .. تواجهُه المكائدُ أينما وَلَّى وسار!!

ليسَ هناك من أسبابِ الحياة الدنيا ما يشدُّ أزره، ثم هو يَحمِلُ كلَّ هذا الإصرار، وكلَّ هذا الصمود والولاء!!.

بأبي وأمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. مَن ينطلقُ مهمومًا من أجل الدعوة بعد عودته من الطائف فلم يَستفقْ إلا وهو بـ "قرْن الثعالب" .. بأبي هو وأمي ..

وكيفَ يُسامَى خيرُ من وطئ الثرى … وفي كلِّ باعٍ عن عُلاهُ قُصورُ!

وكلُّ شريفٍ عندهُ متواضِعٌ … وكلُّ عظيمِ القريتيْنِ حقيرُ!

نعم ..

فلقد سَرَتْ مَسرى النجومِ هُمومُهُ … ومضتْ مُضِيَّ الباتراتِ عزائمُه

نعم ..

فاقَ أهلَ المعالي … وعَلا مَن عَلَاها

<<  <  ج: ص:  >  >>