للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلي في النبيين كَمثَل رجلٍ بني دارًا، فأحسَنَها وأكْمَلَها وأجْمَلها، وترَك فيها موضع لَبنةٍ لم يَضَعْها، فجعل الناسُ يطوفون بالبنيان ويَعْجَبون منه، ويقولون: لوْ تَمَّ موضعُ هذه اللِبنة!! .. فأنا في النبيين موضعُ تلك اللَّبِنة" (١).

° "لقد كان عليه الصلاة والسلام يعلم علْمَ اليقين أنه جاء الحياةَ الإنسانيةَ ليُغيِّرها، وأنه ليس رسولاً إلى قريشٍ وحدها، ولا إلى العربِ وحدهم .. بل رسولَ الله إلى الناس كافَّة.

وقد فَتح الله -سبحانه- بصيرتَه على المدى البعيد الذي ستَبْلُغُه دعوتُه، وتَخفِقُ عنده رايتُه.

ورأى رأيَ اليقينِ مستقبلَ الدينِ الذي بشَّر به .. ورغم ذلك كلِّه، لم يَر في نفسه، ولا في دينه، ولا في نجاحه -الذي لن تشهدَ الأرض له مثيلاً- أكثر من "لبنةٍ" في البناء .. !!.

كلُّ هذه الحياة التي عاشها .. كلُّ جهادِه وبطولاته .. كلُّ عظمتِه وطُهْره .. كلُّ هذا الفوز الذي حقَّقه دينُه في حياته، الفوزُ الذي كان يعلم أنه سيبلغه بعد مماته .. كلُّ ذلك ليس إلاَّ "لبنة"!! لبنةً واحدةً في بناءٍ شاهِقٍ عريق .. !!.

وهو الذي يُعلن هذا ويقولُه، وُيصِرُّ على توكيده!! ثم هو لا ينتحلُ بهذا القول تواضعًا، يُغذِّي به جُوعًا إلى العظمة في نفسه، بل هو يؤكِّد هذا الموقفَ


(١) رواه أحمد والترمذي عن أبيٍّ، وأحمد والبخاري ومسلم عن جابر، وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة، وأحمد ومسلم عن أبي سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>