للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرٌ عسير، "وأنَّى لهم أن يَنَفُذُوا إلى دخائلِ النفوس وبواطنِها، حتى يَطَّلِعوا على حقيقتِها، ومِن أجل ذلك جاءت كُتُبُهم كلُّها وليس فيها مما جاء عن رسولِ الله حديثٌ يُعتَبَرُ متواترًا، بل نَجِدُها قد جَمَعَتْ بين ما هو صحيحٌ في نظرِ الرواة، وما هو موضوعٌ لا أصلَ له، ولا يَخلُو من ذلك كتاب، حتى التي سَمَّوها "الصِّحاح" وهي صحيحُ البخاريِّ ومسلمٍ" (١).

° ويَزعُمُ -قاتله الله- أن الحديثَ سببٌ أساسيٌّ لتقسيم الأُمَّة وتشتيتِها إلى فِرَقٍ متباينةٍ.

° ويُقدِّمُ أبو ريَّة أمثلةً للأحاديث الموضوعة، يذكرُ منها الحديثَ المتواترَ: "مَن كَذَبَ عليَّ متعمِّدًا فليتبوَّأ مَقْعَدًا من النار"، فيقول: "غَمَرني الدَّهَشُ لهذا القَيْد "متعمِّدًا" الذي لا يُمكنُ أن يَصدُرَ من رسولٍ جاء بالصِّدقِ وأَمَرَ به، ونهَى عن الكَذِبِ وحَذَّر منه" (٢).

° وخامةُ هذا التكذيبِ لهذا الحديث المتواترِ نسَجَ لُحْمَتَها وسُداها صاحب "فجر الإِسلام" في قوله: "ويظهر أنَّ هذا الوضعَ حَدَثَ حتى في عهدِ الرسول، فحديث: "مَن كَذَبَ عليَّ متعمِّدًا فليَتبوَّأ مَقْعَدَه من النار"، يَغلِبُ على الظنِّ أنه إنما قيل لحادثةٍ حَدَثَتْ، زُوِّر فيها على الرسول" (٣).

° وَوَضعُ أبي رِيَّة لا يَعدُو فيما كَتَبَه عن السُّنةِ قولَ الشاعر:

وليس يَصِحُّ في الأذهانِ شيءٌ … إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ


(١) المصدر السابق (ص ٢٥٨، ٢٨٦، ١٧).
(٢) "أضواء على السنة المحمدية" (ص ١٩).
(٣) "فجر الإِسلام" لأحمد أمين (ص ٢١١) - الطبعة العاشرة ١٩٦٩ - نشر دار الكتاب العربي ببيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>