° تلك حُرِّيةُ الرأيِ الكتابيةِ التي طالَبَ بها الكُتَّابُ أمثالُ أبي رِية لهدمِ عقيدةِ الأمة، نتيجةَ سُقمِ عَقْلِه، أو تلبيةً لحاجةٍ في نفسِ يعقوب، ذلك هو المِحورُ الذي يَدورُ عليه بَحثُه عن السُّنة.
° وأخطرُ خُطوةٍ خطاها أبو رية تُجاهَ هدمِ السُّنة، هو رَميُ الصحابةِ وأولِ ناقِليها بالغباء، وأنَّ أحبارَ اليهود نَشَروا بين صفوفهم أحاديثَ نَسَبوها زُورًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتَقَبَّلها الصحابةُ لضَعفِهم مقابلَ دَهاءِ الأحبار، "أخذ أولئك الأحبارُ يَبُثُّون في الدينِ الإِسلاميِّ أكاذيبَ وتُرَّهاتٍ يَزعُمون مرةً أنها في كتابهم، أو من مكنونِ عِلمِهمِ، ويدَّعون أخرى أنها ممَّا سَمِعُوه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي في الحقيقةِ مِن مُفتَرَياتهم، وأنَّى للصحابةِ أنْ يَفطِنوا لتمييزِ الصِّدقِ مِن الكذبِ مِن أقوالهم؟!.
وهم من ناحيةٍ: لا يَعرِفون "العبرانية" التي هي لُغةُ كُتبهم.
ومن ناحيةٍ أخرى كانوا أقلَّ منهم دَهاءً، وأضعفَ مَكرًا، وبذلك راجَتْ بينهم سُوقُ هذه الأكاذيب، وتلقَّى الصحابةُ ومَن تَبِعَهم كلَّ ما يُلقِيه هؤلاء الدُّهاةُ بغيرِ نَقدٍ أو تمحيص، معتبِرِينَ أنه صحيحٌ لا ريبَ فيه" (١).
° ولَمَّا كان أبو رِية وقحًا في عباراته، صريحًا في اتهاماتِه المكذوبة، ولا سيَّما لِرَاويَةِ وحافِظِ السُّنة "أبي هريرة" - رضي الله عنه -، فمرةً يُسمِّيه "شيخ المضيرة" -الطعام الدسم-، ومرةً يَصِفُه - رضي الله عنه - "لا في العِيرِ ولا في النفير"، "تفاهة أمره""حقارة مَنْبَتِه" وأمثال هذه الكلماتِ النابيةِ والبذاءاتِ المُشينة التي يَترَّفعُ عنها رجلُ الشارع في تعامله: كان من المألوفِ أن يكونَ مُرشدُه