الولادة، ويَحدُثُ ذلك -حسبَ ظنِّ مَن يعتقدون في هذا- بعدَ موتِ الإنسان، فيَبْلَى جَسدُه، أمَّا رُوحُه، فتعودُ إلى الحياةِ متقمِّصةً جسدًا جديدًا، قد يكونُ إنسانًا أو حيوانًا، أو حشرة، فتبدأُ الروحُ بذلك دَورةَ حياةٍ جديدةٍ.
إن استخدامَ هذه الفكرةِ يَسمحُ باللعبِ بالأشخاص والأزمنة، فتتداخلُ الأحداثُ، وتختلطُ الصورُ والأوراق، ويُتركُ القارئُ متحيِّرًا، أو واقعًا تحتَ إيحاءاتِه، فهو -بهذا- يَهربُ من الجديَّة والموضوعية التي تتطلَّبُهما الدراسات العِلمية، وَيجنحُ إلى روايةٍ يُفرغُ فيها سُمومَه وخيالاتِه، فيَعبثُ بالحقائقِ المعروفة، ويُزيِّفُ التاريخَ كما يشاء، ويَتركُ القارئَ -بذلك- يسبحُ في هواء.
وفي الفصل الأول:"المَلَك جبريل"، نجدُ "الدجَّالَ" يخلعُ اسمَه على مواطنٍ هندي أسماه: "جبريل فارشتا"، الذي يذهبُ من "بومباي" إلى لندن، ومعه على نَفسِ الطائرة مواطنٌ آخَرُ هو "صلادين شمشا"، والذين تَقعُ بهما الطائرة في القنال الإِنجليزي، ثم يَنجُوانِ من الموت بمعجزة، فيصابُ جبريلُ بانفصامِ الشخصية.
ويَحلُمُ جبريلُ، ويَحلُمُ كثيرًا، ويَبُثُّ أحلامَه إلى "ماهوند" -في الفصل الثاني-، فيَربطُ الوحيَ إلى نبيِّ الجاهلية بذلك التزييفِ المستمَدِّ من فكرة "تناسخ الأرواح".
° لقد عَمَدَ هذا المحتالُ -كما قال بحقٍّ الناقد "سامي خشبة"- إلى أن: "يَضَعَ ثقافتَه الخاصَّة مكانَ ثقافةِ كلِّ شخصياته، ويَضَعَ فِكرَه وعَقْله الخاصَّينِ، مكانَ فِكرِ كلِّ شخصياتِه وعقولها .. والمؤلِّفُ يسوقُ أفكارَه