وإذا وُوجِهَ المسلمون المعاصرون بهذا -كما حدث أثناءَ نِقاش "هنري مارتين" معهم -أجابوا: هذا الاعتراضُ تافهٌ لا جدوى منه؛ لأن الله سبحانه يُراعي دائمًا ما هو لازمٌ لعبيده، ولا شك أن الآياتِ المنسوخةً نَزلت في وقتٍ اختَلفت أحوالُه عن أحوالِ لاحقةٍ كان لها مقتضياتٌ أخرى، فاللَّهُ واهبُ الشريعةٍ الإلهية لابدَّ أن ننظرَ إليه بوصفِه معالجًا رُوحيًّا لعبيده تمامًا، كما يصفُ الطبيبُ لمريضه المناسبَ لعلَّته".
إنَّ التلميذَ هنا (يقصد المسلم القائل بهذا) جديرٌ بأستاذه (المقصود نبيُّه محمد - صلى الله عليه وسلم -) لأنهما متَّفقان على أن مبادئَ الأخلاقِ الكبرى ليست خالدةً دائمةً غيرَ قابلةٍ للتغيير مرتبطةً بالعلاقةٍ الدائمةٍ بين الخالق وخَلْقه، وإنما هي مجردُ قواعدَ أو أحكامٍ اضطراريةٍ قابِلةٍ للتخفيف والتعديل أو حتى التغيير على وِفقِ ما تُملِيه الظروف، وبالنظرِ إلى هذه الوسيلةٍ الهزيلةٍ (التافهة) لإبطالِ أو لنسخِ بعضِ الواجبات التي فَرضها الله سبحانه، لاستخدامها -أي هذه الوسيلةٍ التافهةٍ أو الهزيلة- لصالحِ الضَّعفِ البشريِّ وتقلُّبِ الأهواء، فإن المرءَ يَدهَشُ أن يَعمَى أتباعُه (المسلمون) عن هذا التضليلِ والخداع، ليس هناك ما هو أقوى من هذه الحُجَّة، وليس هناك ما هو أسخفُ من هذا في أيِّ دِينٍ، ومع هذا فالمسلمون مؤمنون به، إنه دليلٌ على سذاجتهم وسُرعةِ تصديقِهم، إنه استخفافٌ بعقولهم".