الله مقلِّبِ القلوبِ كيفما شاء"، ومِن وقتها توتَّر حُبُّها لزيد، وأدَّى هذا إلى كثير من الإرباكات، لقد راح زيدٌ يُوازِن بين حُبِّه لزوجتهِ ورغبتِه في الإبقاء عليها من ناحية، وإحساسِه بالالتزام والإخلاصِ لسيدِه (أي: محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -) الذي أعتقه، بل وتبنَّاه أي اعتبره ابنًا له ووريثًا، ووثَّق هذا بطقوسٍ دينيةٍ علنيَّةٍ عند الحَجَرِ الأسود في رُكنِ الكعبة، وقرَّر زيدٌ بعد تفكيرٍ متأنٍّ أن يُطلِّقَ زينب ليتزوَّجها المنعِم عليه، أو بتعبيرٍ آخر صاحبُ الفضل عليه، الذي كان يعرف -بشكل شخصي- هدفَه، وفي الوقت نفسه راح النبي يعلن أنه لم يعد يريد الزواج منها ويقول لزيد: "أَمْسِك عليك زوجَك"، وكان محمدٌ واعيًا بالخزي الذي سينتج عن هذا والذي يُثيرُ انتقادَ الناسِ لاتخاده زوجةً هي بمثابةٍ ابنتِه، فخَدَع الناسَ بانصرافِه عن هذا، وكَبَح عاطفتَه، ولكنه وَجد أنَّ شَغَفه بها أصبح شديدًا لا يُقهر، فتخلَّص من المشكلة بآياتٍ قرآنيةٍ أراحته وأزالت كلَّ الموانع الشرعيةٍ القائمةٍ أمامَ ارتباطِه بها بزوجةٍ زيد ابنهِ بالتبني: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (٣٧)} [الأحزاب: ٣٧].
° ويقول هذا الأفَّاكُ عن النبيِّ الكريم - صلى الله عليه وسلم - (ص ١٧٨ - ١٧٩): "وعلى أيةِ حالٍ، فإننا لا نشكُّ في أن كُتُبَنا المقدَّسةَ قد تنبَّأت بهذا الدَّعيِّ الكبيرِ ودينِه، لكن بمعنًى آخَرَ يختلفُ عما ذكره محمدٌ وأتباعه، فلم تكن كُتبُنا المقدسةُ لِتُغفِلَ التنبؤَ بهذا الدينِ الذي أتى به محمدٌ وهذه الأمبراطوريةٍ التي