الغريبِ تُدينُ هذا الناسخَ (أو الناقل)، ووقوعُه في تزييفاتٍ محضةٍ تدلُّ على الجهل، فهو يجعلُ النبيَّ "إيليا Elijah" (الخضْر) معاصرًا لموسى، ويجعل إبراهيمَ الخليل على وشكِ ذبع ابنه إسماعيل بَدلاً من إسحاق، ويجبل "شاول Saul" هو الذي قادَ العشرةَ آلافِ إلى حافة النهرِ بدلاً من "جدعون"، بل ويقعُ في خطأٍ شنيع بأنْ جَعَل مريمَ أمَّ يسوع هي نفسَها مريم أخت موسى".
إن الاحتذاءَ الواضحَ لهذا الوحي الزائفِ للكتب المقدسةِ السابقة عليه، والعجزَ الحقيقيَّ أو المفترضَ لمؤلِّفه (مفبركِه) كان -وهذا طبيعيٌّ تمامًا- من المحتَّم أن يُثيرَ قضايا وأسئلةً عن تاريخِ تأليفه (يَقصد القرآن الكريم)، غالبيةُ من كتب عن الإسلام (يقصد من الأوربيين) يأخذون بما أَخذ به المسيحيون الشرقيون، إذ يتَّفقون بشكلٍ عامٍّ على الافتراضِ القائل بأن محمدًا عند تأليف القرآنَ كان يَلجأُ لمساعدةِ واحدٍ أو أكثرَ اشتركوا معه، ومن المؤكَّد -من خلالِ النصِّ القرآني نفسِه- أن هذا الاتهامَ قد واجَهه في مستهَلِّ الدعوة:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا}[الفرقان: ٤].
لكنَّ هذا الإنكارَ المتشدِّدَ الذي أبداه هذا النبيُّ لم يكن مُقْنِعًا، فغير المصدِّقين في المملكة المسيحية استمروُّا إلى جانبِ أهل مكة، فلم يدخلِ الدينَ الدَّعيَّ -ولم يشترك في الدعوة إليه- إلاَّ عددٌ لا يتجاوزُ الثمانيةَ