جنودًا! لقد آن الزمانُ الذي فيه تُحوِّلون ضدَّ الإسلام تلك الإسلحةَ التي أنتم لِحَدِّ الآنَ تستخدمونها بعضُكم ضدَّ بعض .. فالحربُ المقدَّسةُ المعتمَدةُ الآن هي في حقِّ الله عينه .. وليست هي لاكتسابِ مدينةٍ واحدة .. بل هي أقاليمُ آسيا بجُملتها، مع غناها وخزاينها العديمة الإحصاء.
فاتخذوا مَحَجَّةَ القبر المقدس، وخلِّصوا الأراضي القدسةَ من أيادي المختلسين، وأنتم املكوها لذواتكم، فهذه الأرض -حسب ألفاظ التوراة - تَفيضُ لبنًا وعسلاً .. ومدينة "أورشليم" هي قطبُ الأرض المذكورة، والأمكنةِ المخصبةِ المشابهةِ فردوسًا سماويًّا.
اذهبوا وحارِبوا البربر -يقصد المسلمين! - لتخليص الأراضي المقدسة من استيلائهم .. امضُوا مُتَسَلِّحِين بسيفِ مفاتحي البطرسية -أي: مفاتيح الجنة التي صنعها لهم البابا! -، واكتسبوا بها لذواتكم خزائن المكافآت السماوية الأبدية، فإذا أنتم انتصرتم على أعدائكم، فالمُلكُ الشرقيُّ يكون لكم قَسْمًا وميراثًا.
وهذا هو الحينُ الذي فيه أنتم تَفْدُون عن كثرة الاغتصابات التي مارستموها عدوانًا .. ومن حيث إنكم صبغتم أيديَكم بالدم ظلمًا، فاغسلوها بدمِ غير المؤمنين" (١).
فهي حرب "دينية- استعمارية"، يذهبُ إليها فِرسانُ الإقطاع الأوروبيون، اللصوص المصطبغةُ أيديهم بدماءِ المظلومين، ليغسلوا أيديَهم
(١) "تاريخ الحروب المقدسة في الشرق المدعوة حرب الصليب" لمكسيموس مونروند (١/ ٤١٣) ترجمة مكسيموس مظلوم.