الثلاثة"، ألاَّ وهي: العهد القديم، والعهد الجديد، والقرآن.
- في هذه المحاضرة لا أريدُ أن أُناقشَ هذه القضية، ولكنْ أريدُ التطرُّقَ لنقطةٍ واحدةٍ فقط -هامشيَّةٍ نسبيًّا، وشَغَلتْني في كلِّ هذا الحوار، وتتعلقُ بموضوع "الإيمان والعقل"-، وهذه النقطة تُمثِّلُ نقطةَ الانطلاقِ لتأمُّلاتي حولَ هذا الموضوع.
-ففي جولةِ الحوارِ السابعة -كما أوردها البروفيسير "خوري"- تناول الإمبراطورُ موضوعَ "الجهاد"-أي الحرب المقدسة- .. ومن المؤكد أن الإمبراطورَ كان على علمٍ بأن الآية (٢٥٦) من السورة الثانية بالقرآن "سورة البقرة" تقول: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .. إنها من أوائل السور- كما يقول لنا العارفون-، وتعودُ للحِقبةِ التي لم يكن لمحمدٍ فيها سُلطةٌ ويَخضعُ لتهديدات .. ولكنَّ الإمبراطورَ من المؤكَّدِ أيضًا أنه كان على دِرايةٍ بما وَرَد في مرحلةٍ لاحقة في القرآنِ حولَ الحربِ المقدسة.
- وبدون أن يتوقفَ عن التفاصيل -مثل الفَرقِ في معاملة "الإسلام" للمؤمنين وأهل الكتاب والكفار-، طرح الإمبراطور على نحو مفاجئٍ على مُحاوِرِه السؤالَ المركزيَّ بالنسبة لنا عن العلاقةِ بين الدينِ والعنفِ بصورةٍ عامة، فقال: "أرني شيئًا جديدًا أتى به مُحمدٌ، فلن تَجِدَ إلاَّ ما هو شريرٌ ولا إنساني، مِثلَ أمرِه بنشرِ الدينِ الذي كان يُبشِّرُ به بحدّ السيف".
- الإمبراطورُ يُفسِّرُ بعد ذلك بالتفصيل لماذا يَعتبرُ نَشرَ الدينِ عن طريق العنف أمرًا منافيًا للعقل، فعنفٌ كهذا يتعارضُ مع طبيعةِ الله وطبيعةِ الروح، فالربُّ لا يُحِبُّ الدمَ، والعملُ بشكل غيرِ عقلانيٍّ مخالفٌ