لطبيعة الله، والإيمانُ هو ثمرةُ الروح وليس الجسدَ؛ لذا مَن يُريدُ حَمْلَ أحدٍ على الإيمان، يجبُ أن يكونَ قادرًا على التحدُّثِ بشكل جيِّدِ والتفكيرِ بشكلٍ سليم، وليس على العُنفِ والتهديد .. لإقناع رُوحٍ عاقلةٍ لا نحتاجُ إلى ذِراعٍ أو سلاحٍ، ولا أيِّ وسيلةٍ يُمكنُ أن تُهدِّد أحدًا بالقتل.
- الجملةُ الفاصلةُ في هذه المُحاججة ضدَّ نشرِ الدينِ بالعنفِ هي: العملُ بشكل مُنافٍ للعقل مُنافٍ لطبيعة الرب .. وقد علَّق المُحرِّر "تيودور خوري" على هذه الجُملة بالقول: بالنسبةِ للإمبراطور -وهو بيزنطيُّ تَعلَّم من الفلسفة الإغريقية-، هذه المقولة واضحة .. في المقابل -بالنسبةِ للعقيدة الإسلامية-، الربُّ ليست مشيئتُه مطلقةً وإرادتُه ليست مرتبطةً بأيٍّ من مقولاتِنا ولا حتى بالعقل.
- ويَستشهد "تيودور خوري" في هذا الشأن بكتابٍ للعالِم الفرنسي المتخصِّصِ في الدراساتِ الإسلامية "روجيه أرنالديز" -تُوفي في إبريل الماضي- الذي قال: إن "ابن حزم" -الفقيه الذي عاش في القرنين العاشر والحادي عشر- ذَهَب في تفسيره إلى حدِّ القول: إن الله ليس لزامًا عليه أن يتمسَّك حتى بكلمته، ولا شيءَ يلزمُه على أن يُطلِعَنا على الحقيقة، ويمكنُ للإنسان -إذا رَغِبَ- أن يعبدَ الأوثان.
- مِن هذه النقطة يكونُ الطريقُ الفاصلُ بين فَهم طبيعةِ الله، وبين التحقيقِ المتعمِّقِ للدين الذي يتحدَّانا اليومَ، فهل مِن الفِكرِ اليوناني فقط أن نعتقدَ أنه أمرٌ منافٍ للعقلِ مخالفٌ طبيعةَ الله؟ أم أن هذا أمرٌ مفهومٌ من تلقائِه وبصورةٍ دائمة؟ أعتقدُ أنه -من هذه الوجهة- هناك تناغمٌ عميقٌ