للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقام مقارنةً مع الفِكرِ المسيحيِّ المتشبع بالفلسفةِ الإغريقية، موضِّحًا أن "هذا الفكرَ يرفضُ عدمَ العمل بما ينسجمُ مع العقل، وكلِّ ما هو مخالفٌ للطبيعة الإلهية".

ولو كَلَّف الحبرُ الأعظمُ نفسه، أو كَلَّف أحدًا من أتباعِه بالرجوع -ولو قليلاً- إلى مَصدرِ الإسلام الأول "القرآن"، لَوجد فيه من عشراتِ الآياتِ -بل مِئاتها- ما يُمجِّدُ العقلَ، ويأمرُ بالنظر، ويَحضُّ على التفكير، ويرفضُ الظنَّ في مجالِ العقائد، كما يرفضُ اتباعَ الأهواءِ وتقليدَ الآباء والكبراء، حتى كتَب بعضُ كبارِ الكُتَابِ بحق: "التفكير فريضة إسلامية".

* وحسبنا قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سبأ: ٤٦]، وقوله سبحانه {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٨٥].

° ولو أحببنا أن نقارنَ بين الديانتين -الإسلام والنصرانية-، لوجدنا النصرانيةَ هي التي لا تُعِيرُ العقلَ التفاتًا في عقائدها، وتقولُ تعليماتها: "آمِنْ ثم اعلَمْ، اعتقِدْ وأنت أعمى، أغمِضْ عينيك ثم اتبَعْني".

في حينِ أن العِلمَ في الإسلام يَسبقُ الإيمان، والإيمانُ ثمرةٌ له، كما في قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} [الحج: ٥٤]، وهكذا: ليعلموا، فيؤمنوا، فتخبت قلوبهم.

لقد ألَّف الشيخ محمدُ عبده كتابه "الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية" ليردَّ به على أحدِ نصارى الشرق الذي زَعَم أن النصرانيةَ تتسعُ للعلمِ والمَدَنيةِ بما لا يتَّسعُ له الإسلام، فكان ردُّ الشيخ العلميُّ الموثَّقُ بالمنطقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>