فلْيؤمنْ به ولْيَتْبَع الهُدى الهادي، ومَن شاء أن يكفرَ بالحق وَيتَّبعَ الباطلَ مُعرِضًا عن الحق، فله ذلك، ولكنْ لِيعلمْ أن اللهَ سبحانه أعدَّ لمن لم يَتَّبع الإيمانَ {نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}[الكهف: ٢٩].
° والقرآنُ دينُ العقل بهذه المعاني فهو: هادٍ للعقل، ومرشدٌ له، وقائدٌ.
وهو مبادئُ يفهمُها العقلُ في سُهولةٍ ويُسْرٍ.
وهو لا يُناقضُ العقلَ.
وعلى العقل أن يَلجأَ إليه في كلِّ ما أتى به.
٥ - على أن القرآنَ في حقيقة الأمر نَزَل لِيقودَ الإنسانيةَ نحوَ الكمالِ الرُّوحيِّ، والإنسانُ إنسان بالجانبِ الروحيِّ منه، وكلما سَما الإنسانُ روحيًّا، كان أعلى في معنى الإنسانية.
والمعنى الروحي، ووسيلةُ المعنى الروحي: لا سبيلَ إلى تحديدِهما من الإنسانِ نفسِه، وإنما تحديدُهما موكولٌ إلى الله سبحانه، ذلك أن السُّمُوَّ الروحيَّ قُربٌ من الله تعالى -وإذا لم يكن قُربًا من الله فليس بسُموٍّ رُوحيٍّ-، والقُربُ من الله -أو بتعبيرٍ أدقَّ: تقريبُ اللهِ للإنسان- إنما مرجعُه -هدفًا ووسيلةً- هو اللهُ نفسه.
وكلُّ مَن حاول أن يتَّخذَ طريقًا آخر، فإنما يَجري وراءَ سراب.
والغايةُ والوسيلة: حَدَّدَهما اللهُ في كتابه الكريم، إنه حدَّدهما بالأسلوبِ الإلهىِّ نفسه، أي أن التعبيرَ عنهما -التعبيرَ نفسَه- إنما كان من الله